السبت، يناير 01، 2011

أحمد الريفي : اللغة العربية جزء من كياننا الأمازيغي


( نقلا عن موقع حركة التوحيد و الإصلاح بتاريخ 04 دجنبر 2010 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يشدد أحمد الريفي ، في حوار مع موقع الإصلاح ، على أن الدفاع عن اللغة العربية هو في الوقت نفسه دفاع عن الأمازيغية ، لأن << العربية جزء من كياننا الأمازيغي >> على حد قوله . تابعوا تفاصيل الحوار الساخن مع نائب رئيس فرع الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية بالناضور ، المدينة الشمالية الرابضة
بشرق سلسلة جبال الريف ، و المحاذية لمدينة مليلية المحتلة . و يظهر أحمد الريفي عن يسار الصورة أثناء حفل التأسيس .
* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
ــ س : أنتم أمازيغيون و مع ذلك أنشأتم جمعية للدفاع عن اللغة العربية ، هل تشعرون بالتعارض بين الأمرين ؟ و ما قولكم للمتعصبين لفائدة الأمازيغية ضد العربية ؟
ــ ج : بسم الله الرحمن الرحيم .
بتأسيس هذا الفرع ، في هذه المدينة المجاهدة ، لسنا بدعا في ذلك . فنحن فرع من بين الفروع التي أسست في مدن المملكة لهذه الجمعية المباركة .
أما عن كوننا أمازيغيين ، و مع ذلك فقد أنشأنا جمعية للدفاع عن اللغة العربية ؛  فهذه ليست خصوصية من خصوصيات أهل الناظور تفردوا بها عن غيرهم ؛ فنحن و إن كنا في مدينة من مدن المملكة التي يستعمل أغلب أهلها في خطابهم اليومي الأمازيغية ، إلا أنهم يستعملون العربية في شأنهم الديني و السياسي و الثقافي ، و في أغلب إنتاجهم الفكري و الأدبي . و معنى هذا أن لغتهم الرسمية التي يستعملونها هي اللغة العربية باعتبارهم مواطنين مغاربة ، لا يميزهم عنهم شيء . ثم إن الأمازيغية ليست خطاب أهل الريف فحسب ، بل هي خطاب يومي لدى كثير من المغاربة الذين يتقنون التحدث بهذا الخطاب ، و من ثم فهي خطاب يومي للمغاربة ، لا يحسون في استعماله حرجا أو نقيصة .. و من هنا فإن المغاربة الذين يعتزون بأمازيغيتهم ، كما يعتزون بعروبتهم ، لا يجدون مشكلا في هذا الأمر لأنهم مسلمون .
و لذلك لا أجد أي مشكل في أن يؤسس أهل الناظور جمعية لحماية اللغة العربية ، كما أسسها باقي إخوانهم المغاربة في كثير من مدن المملكة ، اللهم إلا إذا كان البعض يشعر أن الناظور ليس جزءا من المغرب ، فهذا خطاب آخر له أهله ممن لهم أجندات خاصة بهم ، لا أدخل في تفاصيلها .
و نحن أمازيغيون موطنا و لسانا .. و نحن عرب أيضا موطنا و لسانا.. هذا تاريخنا لا يمكن أن نتنصل منه ، و إلا فسندخل في منطق آخر أشبه بالمنطق الاستئصالي الذي يرى أن المغرب بلد أمازيغي ، و على العرب أن يرحلوا منه . ليأتي آخرون يقولون : و على الأمازيغ أن يعودوا من حيث أتوا، لأن هذه الأرض قبل أن يسكنها الأمازيغ كانت سكنا لغيرهم من البشر ، فتوالت عليها الهجرات البشرية ، ثم سكنها الأمازيغ كما سكنها من قبلهم ... لندخل في متاهات لا حد لها ...
نحن الآن في المغرب ، و في القرن الخامس عشر الهجري ، الحادي و العشرين الميلادي ، لنا ثوابتنا الدينية و الوطنية التي نجتمع حولها . و البشر اليوم يتوحدون على ثوابت مشتركة ، لأنهم يحسون أن هذه الثوابت تحمي هوياتهم الدينية و الثقافية . نحسب أن زمن النعرات الاستعمارية قد ولى ، و أن الظهير البربري العنصري قد فشل ، و أن علينا أن نواجه مشاكلنا وفق مقوماتنا الحضارية ، ثم بمنطق العصر الذي يتكتل فيه الناس ليحافظوا على هوياتهم و مصالحهم .
ــ س : يعني هذا أنكم تدافعون عن الأمازيغية و العربية دفعة واحدة ؟ كيف ؟

ــ ج : أجل ، نحن أمازيغيون ، ننشيء جمعية لحماية اللغة العربية ، لأن اللغة العربية جزء من كياننا الأمازيغي ... فنحن عندما ننشيء هذه الجمعية فإنما ندافع عن كياننا ، الذي تكون اللغة العربية ، كما الأمازيغية ، جزءا من نسيجه الجمعوي .
قد يقول قائل : و لكن لماذا لا تؤسسون جمعية لحماية الأمازيغية ، كما تفعلون مع اللغة العربية ؟ أقول : لا أشعر بأي نقص عندما تؤسس جمعية لحماية الأمازيغية ، و ما أكثرها في بلدنا .. و قد أسسنا فيما سبق جمعيـــة << إثري نريف >> لحماية التراث الأمازيغي في المنطقة .. و لم نشعر بالحرج من ذلك ، لأننا منسجمون مع أنفسنا ، و ننطلق في كل ذلك من ديننا الذي يأمرنا بالمحافظة على كل ما هو نافع . و مبدأ الحفاظ على ثقافة الأقوام الذين انتشر فيهم الإسلام يعرفه الخاص و العام .
نعم نشعر بالحرج عندما نؤسس جمعية هنا أو هناك ــ سواء أكانت عربية أو أمازيغية ــ لخدمة أهداف سياسية ضيقة ، أو لأغراض تحركها أطماع خارجية . هنا نشعر بالخزي و العار ، و الذل و الانكسار ، لأننا نكون أداة طيعة في يد المغرضين و الحاقدين . أما أن نؤسس جمعية لخدمة اللغة العربية أو حمايتها مما يتهددها من أخطار ، و ما أكثر هذه التحديات في زمن العولمة العقائدية ؛ أو نؤسس جمعية أمازيغية لحماية تراثنا الثقافي و موروثنا الحضاري ، فليس في هذا أي حرج ، بل هو موضع اعتزاز منا .
ــ س : و ماذا تقول لأولئك المتعصبين لفائدة الأمازيغية ضد العربية ؟
ــ ج : نقول لهم هذه الجمعية لم ننشئها ضد الأمازيغية – شهد الله – حتى يغضب منا بنو جلدتنا ، لأننا نعتبر العربية و الأمازيغية وجهان لعملة واحدة ، و لا يمكن فك الارتباط بينهما . و من يحاول فك الارتباط بينهما فإنما يخدم أغراضا سياسية خارجية شعر بذلك أم لم يشعر .
و نقول لهم نحن أمازيغيون ، و نعتز بذلك . و نومن بأننا و نحن ندافع عن العربية ، ندافع عن الوحدة ضد الفرقة ، و عن المغربة ضد الاستعمار ، و عن حقوقنا في أن نعيش بلغة كونت نسيجنا الوحدوي، و كياننا الوجداني ، و تاريخنا العريق ، و لم تفرض علينا ، بل جاءتنا مع الدين . و من يرفض العربية ، فكأنه يرفض الدين ، و من يطلب من العربية أن ترحل فكأنه يطلب من الدين أن يعود من حيث أتى ، و هذا ما لا يرضى به أمازيغي مسلم .
قد يقول قائل : هذا تطرف في القول ، فكم من الشعوب الإسلامية تعيش بدون العربية ، لأن لها لغتها القومية ، و الدين حاضر فيها بقوة ؟ أقول هذا صحيح و ينطبق على شعوب إسلامية كانت لها لغة مستعملة في القراءة و الكتابة كالهند و بلاد السند و إيران و تركيا . و لكنها مع ذلك و تشريفا للغة القرآن اختارت الحرف العربي . أما نحن في الغرب الإسلامي ، فلم يكن للأمازيغية حضور كتابي ــ و لو كان لها هذا الحضور الكتابي لما نفاه الإسلام ، كما لم ينف حضور اللغات الأخرى ــ بل كانت الأمازيغية حاضرة في الخطاب الشفوي اليومي ، و بقيت موروثا ثقافيا و إرثا حضاريا ، و تعايشت مع اللغة العربية التي كانت اللغة الرسمية ، كما هو الحال اليوم ، و بقي الخطاب الشفهي الأمازيغي دون أن يشعر المغربي في يوم من الأيام بالنقص ، لأنه يستعمل لغة علمية هي العربية ، و يستعمل لغة شفهية هي الدارجة أو الأمازيغية . و من زعم غير هذا فشواهد التاريخ تكذبه .
ونقول لهم كذلك نحس بهذا التأسيس أننا أوفياء لأرواح شهدائنا الأبرار الذين دافعوا عن استقلال هذه البلاد عن كل كيان استعماري بغيض ، و على رأسهم في الريف سيدي محمد أمزيان الذي حارب بوحمارة لأنه كان خارجا عن الجماعة و مدعوما من إسبانيا ، و مولاي موحند الخطابي الذي حارب الاستعمار الإسباني و الفرنسي على حد سواء ، و لم يعرف عنهم أبدا أنهم كانوا ضد العربية ، أو ضد أهلها .
ثم إن من يريد للغة العربية أن ترحل من هذه البلاد ، فإنما يطلب المستحيل . فهل يستطيع أحد أن يستأصل من أمريكا اللغة اللاتينية ، التي لا تبلغ مدتها إلا خمسة قرون ، ثم يزعم أن لغة الهنود الحمر هي اللغة الأصلية ، و على الأوروبيين أن يرحلوا من تلك البلاد مع لغتهم !!! هل سيبقى هناك كيان قائم اسمه أمريكا ، سواء الشمالية أو الجنوبية . إن هذا المنطق هو ضد البشر و التاريخ و الجغرافيا و المصالح الحيوية . بل هو الحمق بعينه . لقد أصبحت الإنجليزية و الإسبانية جزءا لا يتجزأ من كيان الأمريكي ، و لو كان هنديا أحمر؛ و لسنا هنا مقارنين ــ فلا قياس بين الحالات مع وجود الفارق ــ بل جئنا بمثل من الواقع المعيش ، لنؤكد استحالة مثل هذه المطالب التي لا تنبع من الواقع ، بل هي محض خيال ، أو تنفيذ لأجندات خارجية .
ــ س : تاريخيا هل وجد تعارض بين اللغتين، أم أن النوايا السياسية المبيتة هي سبب التعارض ؟
ــ ج : أنا شخصيا لا أجد تعارضا ، و لم أسمع بهذا التعارض من قبل . لقد نشأت في البادية بالريف الشرقي ، و أرسلني والدي إلى المسجد لحفظ القرآن الكريم ، ثم إلى المدرسة بعد ذلك لتلقي العلم و لم أجد أحدا يعارض هذا التعليم أو ينفر منه ؛ بل على العكس من ذلك كنت محط أنظار " المدشر" الذي عشت فيه لأنني أعرف العربية لغة القرآن و العلم . و عندما توجهت تلقاء مدينة مكناس للدراسة الثانوية ، ثم نحو مدينة فاس للدراسة الجامعية ، كنت أسمع النساء في أعراسنا العائلية في فصل الصيف يشدن بي – غناء – لأنني تعلمت في مكناس و فاس العلم . لم أسمع بهذا التعارض أبدا .. و لم يكن في واقعنا قط موجودا ..
نعم سمعنا بهذا الزيف عند أناس عرفناهم و خبرناهم عن قرب ، و وجدناهم يطعنون في ديننا و عقيدتنا ، و يتمنى بعضهم لو يعود وثنيا، أو يهوديا أو نصرانيا .. كرها في الإسلام و العربية ، نعوذ بالله من الخذلان .
إذن لم يبق إلا النوايا السياسية المبيتة هي التي تحاول أن تفك الارتباط بين الأمازيغية و العربية . بين المرء الأمازيغي و أمه العربية، بين المرأة الأمازيغية و زوجها العربي ، بين الإنسان العربي وبين أخواله الأمازيغ .. بين المغربي و تاريخه . و هلم جرا ... و لا حول و لا قوة إلا بالله .
ــ س : في الريف تعاني العربية من عدة لغات ، كالفرنسية و الإسبانية و اللغات التي يتعلمها أبناء الريف بالمهجر ، ألمانية و هولندية و غيرها ، كيف تنظرون إلى هذا الأمر ؟ هل ستكون مهمتكم سهلة ؟ ما هي مشاريعكم و أعمالكم المقبلة ؟
ــ ج : في الحقيقة العربية لا تعاني في الريف فقط من هذه اللغات ، بل في المغرب كله . فنحن أمام سيل لغوي رهيب . و هذا مشكل ليس وليد الساعة الراهنة ، بل هو مشكل فرض علينا مع مجيء الاستعمار إلى بلادنا ، ثم مع تطور الحياة المعاصرة التي أصبحت تتطلب الانفتاح على العالم . و من ثم أصبح المواطن المغربي أمام معاناة حقيقية . لا أقول أمام ازدواجية لغوية ، بل أمام خلط لساني عجيب ، لا نكاد نجد له مثيلا ، فالفرنسية أصبحت قدرا مقدورا، و ما على المغاربة إلا أن يقبلوه دون أن تكون لهم قوة في زحزحته ــ رغم أن الشعب المغربي لم يتفاعل قط مع هذه اللغة لصعوبتها ، و إن تفاعلت معها النخبة ــ أما الألسن الأخرى ، فالمغربي الذي يصل إلى التعليم الثانوي ينفتح عليها ، دون مركب نقص ، لأنه يختارها بنفسه ، و لا تفرض عليه . و ههنا نطرح تساؤلا عميقا لنقول : إلى متى سنظل مرتهنين للغة الفرنسية و ننسى لغتنا العربية التي هي لغة البلاد الرسمية ؟
أما أبناء المغاربة في المهجر فهؤلاء لهم شأن آخر ، فهم يعيشون في بلدانهم التي هاجروا إليها ، و التي تحاول أن تدمجهم في نسيجها الجمعوي . لكن معاناتهم هناك تبقى معاناة حقيقية ، لأنهم منقطعون عن ثقافتهم الأصلية، و عن لغتهم الأم ، و هم يحاولون أن يتعلموا العربية ليبقوا على صلة بدينهم ، و ميراثهم الثقافي ، و وعائهم الحضاري . و هنا يلزم الدولة بذل مجهود كبير ليبقوا على صلة ببلدهم .
أما عن المهمة ، التي تنتظرنا فليست سهلة . أما المشاريع و الأعمال المقبلة ، فنحن فرع عن جمعية وطنية لها مبادئها و أهدافها ، و سنحاول بعد الاطلاع على البرنامج الوطني للجمعية الأم ، أن نسطر برنامجا محليا لخدمة الأهداف الوطنية للجمعية ، كما سنحاول أن نجتهد في إيجاد الحلول لبعض المشاكل و التحديات التي تواجه اللغة العربية في منطقتنا هذه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق