الأحد، أكتوبر 02، 2011

أمازبغ "الويكيلكس" بين الإنكار والتحريف


بقلم : محمد مصباحي
( نقلا عن جريدة التجديد بتاريخ 29 شتنبر 2011 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما كان متوقعا ، أثارت المقالة المنشورة بالتجديد بتاريخ 7 شتنبر الجاري ، و التي تناولت قضية استقواء بضع الأشخاص من التيار الأمازيغي بالخارج ، حسب ما كشفت عنه وثائق ويكيلكس أو دراسات و أبحاث أخرى ، تظهر تنامي توجه "استقوائي" بالخارج في صفوف مكونات راديكالية في الحركة الأمازيغية ، و التي "أثارت" ردود فعل متباينة في صفوف الحركة الأمازيغية ، على نوعين :
التوجه الأول : الإنكار، حيث قام السيد أرحموش بإنكار وجود هذه الوثيقة في حوار أجرته معه جريدة المساء ، و اعتبر بأن جريدة التجديد قامت بفبركة الوقائع ، خصوصا و أن الخبر المنشور في الجريدة آنذاك تحفظ على نشر الأسماء ، في حين تم نشره في المقالة التحليلية المنشورة لاحقا في موقع هسبريس ، و قد اعتبر أرحموش بأنه قد بحث في الأنترنيت و لكنه لم يجد أي أثر للوثائق ( إما أنه لا يعرف الإنجليزية ، أو لا يعرف البحث في الأنترنيت أو لم يبحث جيدا أو أنه أراد إنكار وجودها رغم واقعيتها ) و هذا الموقف قد تهاوى ، خصوصا و أن الوثيقة حقيقية ، و لم يصدر عن أصحابها أي نفي ، بل تم تأكيدها من طرف فاعلين أمازيغ قاموا بالرد على ما تمت كتابته .
التوجه الثاني : الإقرار بوجود الوثيقة ، و لكن العمل على تحريف النقاش و الهروب ، عبر التهوين من مضامين الوثيقة و الإجابة عن الأسئلة و الإشكاليات المطروحة ، و الإكتفاء بدلا من ذلك بسياسة الهروب إلى الأمام ، خصوصا و أن عددا من هذه الردود جاءت منفعلة ، و بدل أن تلقي اللوم على أصحابها الذين أساؤوا و ما زالوا يسيئون إلى الحركة الأمازيغية ، بدأت بتوزيع الإتهامات على الحركة الإسلامية ، و التي يبدو أن التيار الأمازيغي قد اختار اعتبار الحركة الإسلامية كتناقض مركزي في صراعاتها السياسية بدلا من المخزن . إذ إن هناك تحالفا موضوعيا بين المخزن و بعض مكونات الحركة الأمازيغية من أجل مواجهة المد الإسلامي ، خصوصا و أن بعضهم يتهم الإسلاميين بخلق تحالفات مع التيار المحافظ في الدولة لإجهاض التوجه الحداثي للدستور الجديد ، علما أن بعضهم يشتغل في جمعيات مدعومة أو ذات امتداد مع الحزب السلطوي الذي رفعت حركة 20 فبراير شعارات تطالب بتصفية إرثه .
إن عدم مناقشة التيار العلماني الأمازيغي للموضوع المثار و المتعلق بنقد المكون الراديكالي في صفوف الحركة الأمازيغية ، يكشف عن موقفه الضعيف و قصوره على إيجاد أجوبة لتدبير هذا الملف ، و بدلا من ذلك يعوضه عن طريق الهجوم على الحركة الإسلامية و اعتبارها مصدر الشرور .
فالتحليل الدقيق لمسار تطور الحركة الأمازيغية في السنوات الأخيرة يكشف عن تحول تدريجي تعيشه الحركة الأمازيغية ، عبر تهميش الفاعل الوطني الثقافي الذي لعب دورا كبيرا في الإهتمام بالثقافة الأمازيغية و يمتلك علاقات إيجابية مع مختلف المكونات الوطنية ، و لديه توجها بنائيا تعاونيا مع كل الفاعلين ، و هو أقرب إلى الإعتدال و إلى التركيز على القضايا الوطنية و حل إشكالية الديمقراطية و تهميش الأمازيغية من الداخل . مقابل تنامي تيار راديكالي يعمل على الإستقواء بواشنطن أو بروكسيل و تحريضهما على المغرب ، و مناقض للقيم و الأسس المرجعية التي يتأسس عليها المجتمع المغربي .
و يجد هذا التيار السياسي-العلماني في صفوف الحركة الأمازيغية نفسه في موقف ضعف مزدوج ، فبالإضافة إلى تهميشه للمكون الثقافي في الحركة الأمازيغية ، يجد منافسه الإيديولوجي المتجسد في الحركة الإسلامية أكثر تقدمية و تطورا منه على مستوى الديمقراطية الداخلية و تدبير الخلاف بين مكوناته ، خصوصا وأن الكونجرس الأمازيغي بمكتبيه ( مؤتمر تيزي وزو و مؤتمر مكناس ) يعيش صراعا على مستوى تدبير الخلافات بين مكوناته ،  وبكون التيار الإسلامي قام بمجهودات مهمة على مستوى التبرؤ من أشكال التطرف التي تطبع بعض مكونات الحركة الإسلامية ، و بالتالي تم تطوير الفكر و الممارسة عند الحركة الإسلامية من أجل تبني الديمقراطية و تراجع بعض المقولات الكلية التي كانت تطبع الحركة الإسلامية التقليدية ، في حين أن التيار العلماني في الحركة الأمازيغية قام بإبرام تحالف موضوعي مع بعض مراكز القرار السلطوية ، من أجل مواجهة الحركة الإسلامية. و لهذا فلا تمثل لهم الديمقراطية أية قيمة مضافة في حالة كانت هذه الديمقراطية آلية لوصول الإسلاميين إلى الحكم ، بل هم مستعدون لأن يتحالفوا مع القوى الأكثر استبدادا حتى لا يصل الإسلاميون إلى الحكم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق