الأحد، مايو 15، 2011

لماذا لا يمكن حاليا دسترة الأمازيغية كلغة رسمية ؟

النقيب عبد الرحمان بن عمرو
بقلم : النقيب عبد الرحمن بن عمرو
(نقلا عن هسبريس في 13 ماي 2011)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ) مفهوم الرسمية : هو وجوب استعمال اللغة المرسمة في الإدارات و المؤسسات العمومية سواء داخلها أو فيما بينها ، أو في علاقتها مع المواطنين .
2 ) مبررات الترسيم : هو أن تكون اللغة المرسمة ، تتوفر على العديد من المقومات المعرفية ( مثل إنتاج المعرفة و الفكر على عدة مستويات ) و القدرة على الوصل و التواصل بين مختلف فئات الشعب التي قد تكون تتكلم لهجات أو لغات لا تتوفر فيها نفس المميزات .
3 ) نتيجة الترسيم : أن تصبح اللغة الرسمية مستعملة في مختلف مرافق الدولة و مؤسساتها العمومية سواء منها التشريعية أو الإدارية أو التعليمية أو القضائية أو الإعلامية ( المكتوبة و السمعية و البصرية ) …إلخ .
4 ) تكاليف الترسيم : يتطلب الترسيم موارد كبيرة ، بشرية و مادية تقتضي توفير مالية ضخمة و كلما زاد عدد اللغات المرسمة في دولة معينة إلا و تضاعفت التكاليف المذكورة بنفس العدد …
5 ) مبررات الترسيم على مستوى المنظمات الدولية العالمية ( الأمم المتحدة ) :
إن عدد اللغات المرسمة في الأمم المتحدة بمختلف أجهزتها المركزية و الجهوية ( الجمعية العامة - مجلس الأمن – و مختلف المنظمات و الأجهزة المركزية و الجهوية المختصة ) هي ست لغات فقط ضمنها اللغة العربية .
و المبرر الذي جعل الأمم المتحدة التي تضم أكثر من 192 دولة يعيش بها أكثر من ثمانية ملايير من البشر يتكلمون الآلاف من اللهجات و اللغات الحية و غير الحية ، جعلها تقتصر على ست لغات لا غير ، لحد الآن ، هو :
ــ حجم عدد المتكلمين و المتواصلين بها سواء داخل دولها أو خارجها .
ــ و مستواها في إنتاج المعرفة و الفكر .
ــ و ضخامة التكاليف الناتجة عن مصاريف الترجمة بين اللغات المرسمة و في مختلف المجالات التي تختص بها الأمم المتحدة و مختلف أجهزتها النوعية المركزية و الجهوية التابعة لها ، و هي مجالات تضم الجوانب السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الصحية و الزراعية …إلخ ، و تتطلب تخصصا في الترجمة الفورية في كل مجال من المجالات المذكورة و غيرها و تجرى بشأنها مباريات عالمية لاختيار التراجمة المتخصصين في الترجمة الفورية ، و لا تقل أجرة المترجم من هذا النوع عن عشرة آلاف درهم للساعة الواحدة .
إن كل دولة من الدول الأعضاء التي رسمت لغتها بهيئة الأمم المتحدة تصبح من الواجب عليها المساهمة في تكاليف الترجمة المالية بنسبة أكبر مما تساهم به باقي الدول غير المرسمة لغاتها .
إن اللغة العربية الفصحى رسمت بالأمم المتحدة لأنها تتوفر فيها كافة المعايير المذكورة ( اللغة العربية مرسمة في جميع الدول العربية الاثنين و العشرين ، دون اللهجات المتكلم بها في هذا الدول و التي تعد بالعشرات ... ) و لنستمع إلى بعض مبررات ترسيم اللغة العربية الفصحى بهيئة الأمم المتحدة في قرارها المؤرخ في 18 دجنبر 1973 و الصادر عن جمعيتها العامة و الذي من بين ما جاء فيه :
<< إن الجمعية العامة للأمم المتحدة :
<< إدراكا للدور المهم للغة العربية في نشر حضارة الإنسان و ثقافته و تطويرهما و المحافظة عليهما .
<< و تقديرا للغة العربية كونها لغة تسع عشرة دولة ( في سنة 1973 ) عضو في الأمم المتحدة ، و إحدى اللغات المستخدمة في المنظمات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة ، كمنظمة التربية و العلوم و الثقافة ، و منظمة الأغذية و الزراعة ، و منظمة الصحة العالمية ، و منظمة العمل الدولية ، و أيضا كونها إحدى اللغات الرسمية و لغات التخاطب في منظمة الوحدة الإفريقية ... >>
<< و إشارة ، بكل تقدير ، إلى تعهد الدول العربية الأعضاء في الأمم المتحدة ، بتحملها مجتمعة ، كافة نفقات تنفيذ القرار الحالي ، من خلال الثلاث سنوات الأولى ، فقد تقرر أن تصبح اللغة العربية إحدى اللغات الرسمية و لغات التخاطب ، في الجمعية العامة و لجانها الرئيسية ، على أن تعدل البنود ذات الصلة بقواعد الإجراءات المعمول بها في الجمعية >>
6 ) الترسيم وحقوق الإنسان :
لا علاقة للترسيم بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا ، إذ لا يوجد أي ميثاق من المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ( إعلان أو عهد ) ينص على أنه من واجب كل دولة من الدول الأعضاء أو غير الأعضاء بالأمم المتحدة بأن يرسم ، دستوريا أو قانونيا كل أو بعض اللغات و اللهجات المتكلم بها من قبل مختلف الفئات الشعبية بها .
بل أكثر من ذلك فإنه لا يوجد حتى مجرد نص حقوقي في أحد المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان ينص على دسترة كل اللغات و اللهجات كلغات و لهجات وطنية .
إن كل ما تنص عليه بعض المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والخاصة بالحقوق الثقافية هو الحض على عدم معاداة الثقافات و اللغات المحلية و عرقلة نموها و تطورها و انتشارها مهما كان عدد المتحدثين بها و مهما كان مستواها المعرفي ، و أنه على العكس من ذلك يجب إتاحة فرص النمو و التطور لها . و هكذا فقد جاء في إعلان مكسيكو الدولي لسنة 1982 بشأن الثقافة : << ... بأن لكل " ثقافة قيمها الفريدة ... ، و تشكل جميع الثقافات جزءا لا يتجزأ من الثراث المشترك للإنسانية ... ، " ويستلزم هذا كله سياسة ثقافية تكفل حماية ذاتية كل شعب و تراثه الثقافي و تشجيعها و إثرائها ، و النظر " إلى الأقليات الثقافية و إلى ثقافات العالم الأخرى بعين الاحترام و التقدير الكاملين ... ، و أنه من المهم " إحياء اللغات الوطنية كأداة لنقل المعرفة >>.
و من المعلوم أن جميع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان إنما تصدر عن أجهزة الأمم المتحدة و على رأسها جمعيتها العامة ، و لو كان أحد المواثيق ينص على دعوة دول العالم إلى ترسيم جميع لغاتها و لهجاتها المتكلم بها داخل بلدانها ، لكان من الواجب على هيئة الأمم المتحدة ، من باب أولى ، أن ترسم ، و بالتالي تستعمل بالأجهزة التابعة لها ، جميع لغات و لهجات الدول الأعضاء بها سواء كانت رسمية أو غير رسمية بأقطارها .
7 ) لا علاقة للترسيم بالوطنية :
إن مفهوم لغة أو لهجة وطنية هو كون جنسية المتحدثين بها تنتمي إلى نفس الوطن الذي يقيمون به .
و في الغالب ما تكون اللغة الرسمية لبلد معين هي في نفس الوقت لغته الوطنية ، و هو شيء مهم و مستحسن لأن هذا الانطباق يساعد على التواصل و النمو و التطور بصورة أسرع و أعمق ، إلا أنه ، و بصورة استثنائية ، توجد بلدان ، خاصة منها غير النامية ، قد تختار لغة أجنبية كلغة رسمية ، بدلا من إعطاء هذه الرسمية لأحد لغاتها الوطنية ، و مثل هذا النموذج نجده كثيرا في الدول الإفريقية المتخلفة ، حيث بعضها يرسم اللغة الإنجليزية و البعض الآخر يرسم اللغة الفرنسية .
8 ) مبررات ترسيم اللغة العربية الفصحى :
إن ترسيم اللغة العربية الفصحى بالدستور المغربي يقوم على المبررات الآتية :
على المعايير و المميزات التي استعرضناها أعلاه و الخاصة بالترسيم و التي في مقدمتها :
أ ــ المميزات المعرفية و التعبيرية و العلمية و الأدبية بالنسبة لباقي اللغات و اللهجات التي يتكلم بها المغاربة في حياتهم اليومية سواء منها ذات المصدر الأمازيغي أو العربي ، الأمر الذي يؤهلها أن تكون هي صلة الوصل ، على المستوى الرسمي ، بين جميع مكونات الشعب المغربي المتكلمة بمختلف اللهجات .
ب ــ و الأقدر على مواجهة الغزو اللغوي الفرنسي لجميع المرافق و المؤسسات و المقاولات و الشركات العامة و الخاصة سواء منها التي تديرها الدولة و إداراتها و مؤسساتها العمومية أو القطاع الخاص ...
ت ــ و الأقدر على التواصل على المستوى العالمي لأنه ، كما رأينا إحدى اللغات الرسمية بالأمم المتحدة .
ج ــ و الأقدر على التواصل على المستوى العربي حيث إن العربية الفصحى في كل الدول العربية هي اللغة الرسمية الوحيدة من بين كافة اللغات و اللهجات المتواجدة بها ...
د ــ و الأقدر على التواصل على المستوى الإفريقي لأنها إحدى اللغات المرسمة بمنظمة الوحدة الإفريقية .
كـ ــ و الأقدر على التواصل على مستوى العالم الإسلامي باعتبارها لغة القرآن و تحظى بأهمية كبيرة على مستوى التعليم و التعلم ، و استعمال الحرف العربي في الكتابة ( إيران – باكستان - أفغانستان ... ) .
ل ــ و تحتل الرتبة الرابعة من حيث عدد المتكلمين بها في العالم في الوقت الذي تحتل الفرنسية الرتبة الثانية عشر.
9 ) القاعدة ترسيم لغة واحدة و الاستثناء أكثر :
حسب القواعد الفقهية فإن لكل قاعدة استثناء و أن الاستثناء لا يقاس عليه و لا يتوسع في تفسيره .
و طبقا للقاعدة العامة فإن الأغلبية الساحقة من دول العالم لا ترسم إلا لغة واحدة و استثناء فإن بعض الدول القليلة ترسم ، لاعتبارات خاصة استثنائية ، اثنان و الأقل ، ممن يعد على رؤوس الأصابع ، ترسم أكثر من اثنين ، و هكذا و على وجه المثال :
فإن من بين الدول ذات اللغة الوحيدة المرسمة :
ــ فرنسا ، حيث اللغة الرسمية بها هي الفرنسية وحدها في الوقت الذي يوجد بها عدة لغات أخرى ، هي الباسكية و الكتلانية و الكورسيكية و البروتانية و الألزاسية و الأوكسيطن (occiton) و الباتوا .
ــ و الولايات المتحدة الأمريكية التي يتجاوز عدد السكان بها الثلاثمائة مليون نسمة و التي تشكلت من أجناس مختلفة هاجروا إليها من مختلف بقاع العالم يحملون ثقافات و لغات بلدانهم الأصلية، فإن اللغة الرسمية الوحيدة هي الإنجليزية .
ــ و في الصين التي يبلغ عدد سكانها أكثر من مليار و ثلاثمائة مليون نسمة يتكلمون المئات من اللغات و اللهجات ، فإن اللغة الوحيدة المرسمة هي الماندران ( Mandarin) و هي نفس اللغة المرسمة بهيئة الأمم المتحدة .
ــ و في روسيا التي يبلغ عدد السكان بها أكثر من 170 مليون نسمة يتكلمون العديد من اللهجات و اللغات المحلية فإن اللغة الرسمية الوحيدة في عموم روسيا هي اللغة الروسية و هي نفس اللغة المرسمة بهيئة الأمم المتحدة .
ــ و في إسبانيا التي يبلغ عدد سكانها أكثر من أربعين مليون نسمة يتكلمون لغات متعددة ، فإن اللغة الرسمية المعتبرة في جميع الجهات بإسبانيا هي اللغة الإسبانيا و هي نفس اللغة المرسمة بهيئة الأمم المتحدة .
أما الدول القليلة المرسمة بها لغتان أو أكثر ، لأسباب تتعلق بحجم السكان أو بذات اللغات المرسمة ( أهليتها ) و بإقامة كل مجموعة في مناطق معينة من البلدان أو بتوفرها على إمكانيات مالية كبيرة فإنها لم ترسم كل لغاتها أو لهجاتها و إنما الأقل القليل منها فمنها : الهند – جنوب إفريقيا – كندا – بلجيكا – سويسرا .
10 ) اللغة العربية مرسمة دستوريا بينما الفرنسية هي " المرسمة " واقعيا :
و يتجلى ذلك على مستوى حجم و مجالات الاستعمال : فالفرنسية هي الأكثر استعمالا على مستوى المرافق العمومية ( الإدارات و المؤسسات العمومية و شبه العمومية و التعليم العالي و الإعلام ... ) ، و على مستوى المرافق الخاصة ( التعليم العالي الخاص – البنوك – الشركات – المقاولات – الإعلام السمعي البصري الخاص ... ) .
و يتحمل المسؤولية ، بدرجات مختلفة ، في هذا التناقض بين المشروعية القانونية ( مقتضيات الدستور ) ، و خرق هذه المشروعية واقعيا و السكوت عن هذا الخرق و عدم مناهضته و إنهائه : الدولة و الأحزاب و النقابات و الجمعيات المدنية و المثقفون ، و بصفة عامة المجتمع المغربي ...
11 ) و طبقا للمعطيات أعلاه نصل إلى الجواب عن تساؤل العنوان و هو : لماذا لا يمكن حاليا دسترة اللغة الأمازيغية كلغة رسمية ؟ .
إننا نرى عدم إمكانية هذه الدسترة كلغة رسمية ، للأسباب الآتية :
أ ــ لأن اللغة الأمازيغية ليست واحدة موحدة و إنما هي متعددة و يدخل في هذا التعدد : اللغة السوسية ، و اللغة الريفية و اللغة الأطلسية ( الزيانية ) بالإضافة إلى العديد من اللهجات المتفرعة عنها و التي يوصل عددها بعض اللسانيين إلى سبعة عشر لهجة أمازيغية .
و إذا استعملنا المعيار الحقوقي الذي يرتكز على المساواة و عدم التمييز ، فإن ترسيم أحد اللهجات كلغة رسمية بالدستور يقتضي ترسيم باقي اللهجات بالدستور ، سواء منها ذات المنبع الأمازيغي أو ذات المنبع العربي و على رأسها اللغة الحسانية .
ب ــ إن ترسيم اللغة الأمازيغية دستوريا ، و على فرض أنها واحدة موحدة ، سينتج عنها وجوب استعمالها في :
ــ جلسات البرلمان و لجانه و في تحرير مختلف محاضره و مشاريع القوانين بها ...
ــ و جلسات الحكومة بما في ذلك التحرير بها في المحاضر و البلاغات و المراسيم ...
ــ و ظهائر و خطب رئيس الدولة ( الملك ) في المناسبات الرسمية .
ــ و بالإدارات و المؤسسات العمومية و شبه العمومية و مختلف المرافق ...
ــ و التعليم بها في مختلف درجات و مستويات التعليم .
ــ و في القضاء الأمر الذي يقتضي وجوب تحرير المقالات و المذكرات بالعربية و الأمازيغية ، و وجوب تسيير كتابات ضبط المحاكم باللغتين معا و المرافعات و المناقشات في الجلسات باللغتين معا ، و تحرير الأحكام و القرارات القضائية باللغتين ، و متابعة إجراءات التبليغ و التنفيذ بهما ...
إن كل ذلك و غيره سيتطلب ضرورة توفير إمكانيات لوجيستيكية و موارد مالية و بشرية كفوؤة، نذكر من بينها على وجه المثال ، توفير :
ــ طابعات بحرف تيفناغ و المؤهلين للطبع بها ...
ــ مجموعات من التراجمة المؤهلين بجميع الإدارات و المؤسسات و المرافق التي استعرضناها أعلاه للترجمة من الأمازيغية إلى العربية و من هذه إلى الأمازيغية .
ــ جريدة رسمية خاصة بالنشر بما يحرر بالأمازيغية و بحرف تيفناغ ...
12 ) مغالطات يجب الكشف عنها ، و التي من بينها :
المغالطة الأولى : إن ترسيم اللغة العربية بالدستور دون اللغة الامازيغية يمس بمبدأ المساواة مع أنه ، و كما يقول الفقهاء ، لا قياس مع وجود اختلاف ، و قد بينا دواعي و مبررات ترسيم اللغة العربية الفصحى دون بقية اللهجات ، سواء منها ذات المنبع العربي أو ذات المنبع الأمازيغي .
المغالطة الثانية : أن عدم ترسيم اللغة الامازيغية يمس بمبدأ حقوق الإنسان الحامية لجميع الثقافات و اللغات ، مع أنه ، و كما بينا ذلك أعلاه ، فإنه لا علاقة لحقوق الإنسان بموضوع الترسيم .
المغالطة الثالثة : إن الأمازيغية هي لغة الأم التي يتعرف عليها الطفل الامازيغي منذ نعومة أظافره و لذلك يجب أن تكون لغة تعليمه و لغة إدارته و قضائه و برلمانه باللغة الأمازيغية و بالتالي يجب ترسيم اللغة الامازيغية .
و يرد على هذه المغالطة بما يلي :
من ناحية أولى ، فإن هذه ليست مشكل الطفل الامازيغي وحده و إنما مشكل ، الطفل الذي تتكلم أمه اللهجة العربية الدارجة كذلك ، و لا يبدأ ، الطفل المغربي ، في تعلم اللغة العربية الفصحى ، إلا عند ولوجه إلى المدرسة .
و من ناحية أخرى فإن هذا المشكل هو مشكل ظرفي و مؤقت و سائر نحو الزوال ، ليس فقط بسبب اتساع نشر التعليم باللغة العربية الفصحى في المدن و القرى و البادية ، و إنما أيضا بسبب دخول تعليم الأمازيغية لجميع أبناء المغاربة بكل المدارس حسب برامج و مناهج محددة .
و إذا كان الطفل أو التلميذ المغربي يتعلم اللغة أو اللغات الأجنبية فإنه من باب أولى و أحق أن يتعلم اللغة العربية الفصحى .
المغالطة الرابعة : إن الأمازيغية مهمشة إعلاميا ، و هذا ادعاء غير صحيح :
ــ فمن ناحية : هناك عدة قنوات إذاعية رسمية تذيع بالامازيغية من الصباح إلى ساعات متأخرة من الليل ، و نفس الشيء بالنسبة للتلفزة بالامازيغية ...
ــ و من ناحية أخرى ، فإن الإعلام الخاص غير الرسمي أصبح مفتوحا أمام الجميع ، لمن يرغب في إحداث قنوات إذاعية و تلفزية خاصة لمن يرغب بالإذاعة أو التلفزة ، بواسطتها ، بأي لغة من اللغات ...
المغالطة الخامسة : و تقوم على كون الأمازيغية مهمشة على مستوى التواصل مع مختلف المرافق العمومية و يرد على هذه المغالطة بما يلي :
ــ فمن ناحية : هذه المرافق العمومية :
إما تتواصل بالفرنسية و هذا مشكل جميع المغاربة الذين ليس من المفروض عليهم أن يكونوا عارفين و مدركين لهذه اللغة الأجنبية ، و الحل لهذا المشكل هو إنهاء تواصل المرافق العمومية و الخاصة مع المغاربة بواسطة لغة أجنبية .
و إما تتواصل مع المواطنين باللغة العربية الفصحى التي قد لا يفهمها الأميون الذين يتحدثون باللهجات الأمازيغية و العربية و الحل الفوري لهذا المشكل هو استعانة من يتوصل بمثل هذه المراسلات بأقاربه و جيرانه المتعلمين لمعرفة محتوياتها ...
أما الحل النهائي لهذا المشكل فيكمن في الإسراع بنشر التعليم بجميع الأقاليم والمناطق المغربية ...
ــ و من ناحية ثانية فإن التواصل الذاتي الشفوي مع المرافق العمومية و الخاصة يفرض ، قانونا ، توفر هذه الأخيرة على تراجمة للجواب على استفسارات الزوار المغاربة و غير المغاربة الذين لا يعرفون العربية ، سواء منها الفصحى أو الدارجة ...
13 ) هل يمكن ترسيم الامازيغية مستقبلا ؟ :
نعم يمكن ترسيمها مستقبلا دستوريا بجانب اللغة العربية الفصحى ، متى توحدت و توفرت فيها نفس المعايير و الشروط و الأهلية المتوفرة في اللغة العربية الفصحى ، بل لا مانع مستقبلا بان تصبح اللغة الرسمية الوحيدة ، بدل العربية ، إذا تفوقت على هذه الأخيرة سواء على مستوى الإنتاج المعرفي و الفكري أو على مستوى التواصل و الانتشار وطنيا و جهويا و عالميا ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق