الجمعة، سبتمبر 30، 2011

جوانب من نظرة أمريكا إلى الأمازيغية في المغرب (3)

في برقية تحمل علامة «سري» :
سكان أرفود و الريصاني : نحن مغاربة لا نختلف في شيء عن بقية المغاربة .
 
ملف من إعداد : أحمد العربي
( نقلا عن جريدة التجديد بتاريخ 28 شتنبر 2011 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهذه البرقية تحمل الرقم الترميزي06RABAT567 ID ، و مؤرخة في 3 مارس 2006 ، على الساعة الثانية عشر ليلا ، من سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالرباط . و تحمل علامة «سري» ، هي الجزء الثاني من تقرير
عن الرحلة التي قادت أحد أعوان السفارة الأمريكية بالرباط رفقة نشطين من الحركة الأمازيغية المغربية ، إلى جنوب المغرب ، و خصوصا إلى المناطق التي تقطنها قبائل أمازيغية . و تتوقف عند محطة « آرفود -الريصاني» التي أنطلقت إليها الرحلة من جامعة الأخوين بإفران عبر ميدلت ، ثم الرشيدية . و يقول التقرير عن ميدلت إنها هي المدينة في المنطقة التي تضم ساكنة أمازيغية واسعة ، و قد أقام فيها والي المنطقة «حسن أوريد» مركزا و متحفا أمازيغيين .
و يقول التقرير عن أرفود و الريصاني إن سكانهما يعرِّفون أنفسهم بأنهم مغاربة لا يختلفون في شيء عن بقية المغاربة و يقولون إنهم مندمجون بالكامل و لا شيء يفرق بينهم و بين غيرهم من المغاربة في الهوية ، مع أن بعض النخب في المنطقة تؤكد على أن مناطق أخرى في المغرب تتمتع ببنيات و خدمات حكومية أكثر من هذه المنطقة .
ويذكر كاتب التقرير أنهم التقوا في «آرفود» بأستاذ أمازيغي للغة الإنجليزية اسمه حسين بوبكري قال لهم بأنه يعتبر نفسه أمازيغيا مندمجا بالكامل في مغربيته ، ذلك لأن الأمازيغ و العرب قد تزاوجوا مع بعضهم البعض على مر القرون . و بالتالي فهم جميعا مغاربة مهما حدث من خلافات بينهم . و يبدو - يقول كاتب التقرير- أن بوبكري يتحدث عند ذكره للخلافات عن أحداث ستينات القرن المنصرم ، و على كل حال فالنزاعات بين الأفراد و الجماعات تحل غالبا في المسجد . بل إن الناس يعتمدون في اقتسام أغلى شيء في المنطقة الذي هو الماء ، الذي يندر كثيرا هنا ، على الثقة ، فكل مزارع يعرف القدر الذي هو حقه من الماء ؛ فلا يزيد عليه ، و يترك لغيره حقهم .
و من جهة أخرى أكد بوبكري أن الناس في «آرفود - الريصاني» لا يهتمون بالمدونة الجديدة للأسرة لأنهم أصلا يتمتعون بنفس الحقوق و الواجبات سواء كانوا نساء أو رجالا ؛ و ذلك قبل أي مدونة ، و يفتخرون بتقاليدهم التي تفرق في التجمعات والحفلات بين الرجال و النساء .
هذا الطرح يؤكده أستاذ آخر للعربية و الأمازيغية في منطقة «آرفود – الريصاني» ، هو «مبارك آشبرو» ، الذي يدعو إلى لغة أمازيغية معيارية مشتركة ؛ لأن المجموعات الأمازيغية الثلاث لا تفهم بعضها بلغاتها الأمازيغية المختلفة ، كما يدعوا إلى هوية أمازيغية داخل الهوية الثقافية المغربية الواسعة .
و ذكر كاتب المقال كذلك أنه حول مائدة العشاء في مساء يوم 12 مارس ، التقى موظف السفارة الأمريكية مع رئيس الجماعة المحلية لآرفود عبد الرحمـن بلحسن ، و رجل أعمال من المنطقة اسمه مولاي مصطفى الإدريسي ، و عبد العزيز المستوري الصيدلي و الصحفي في يومية «ليبيراسيون» التابعة لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، و مليكة الدجاري الأستاذة و عضو منظمة حقوقية ، و مليكة آخنجي من مكتب جمعية آملاغو ؛ اللتين سافرتا إلى «آرفود» لملاقاة الدبلوماسي الأمريكي .
و من بين كل الحاضرين في العشاء كان بلحسن هو الأكثر والأصرح حديثا عن الأحزاب السياسية في المغرب ، حسب الوثيقة . و هو يرى أن حزب العدالة و التنمية هو الوحيد المنظم ، و هو الحزب الوحيد القادر على خدمة المواطنين، مع أن بلحسن منتخب محلي ينتمي إلى الحزب الوطني الديمقراطي حسب نفس المصدر .
و مثل بوبكري و آشبرو ، فإن ، رأي بلحسن في الأمازيغ هو أنهم منخرطون و مندمجون في المغرب بالكامل و لا يفهم كيف يمكن لكل فرد أن يعلن عن هويته في كل حين ، و قال إن أجداده كان منهم العرب و الآمازيغ ، و هذا يبين إلى أي حد الاندماج الكامل بين العرب و الأمازيغ هو قائم .
و يخلص التقرير إلى إبداء التعليق التالي : « إن النقاش في منطقة آرفود الريصاني قد تَركَّز على غياب أي تمايز بين الأمازيغ و غيرهم ؛ و كونهم جميعا مندمجون في المجتمع المغربي الواسع ، و هذا هو أهم ما ركز عليه متحدثو مبعوث السفارة إلى المنطقة . و تحدثوا كذلك عن القضايا المحلية ، بما فيها نقص المياه الصالحة للشرب ، و النفايات ، و تدبير مياه الصرف ، و التشغيل و الصناعة السياحية ؛ هذا وحده يشغل أذهان الناس .
إلا أن هنالك نقطة مهمة تمت إثارتها و هي اعتبار الصناعة السياحية كما هي قائمة تمثل بيع الثقافة الأمازيغية للسياح : إن الصناعة السياحية كما هي تمارس الآن ؛ تبيع هوية متميزة ، منتقدين سياسة جعل المنطقة سياحية للتخفيف من أزمتها الاقتصادية ؛ فالمشكل الحقيقي للمنطقة هو ندرة المياه ، و من الحاضرين من أكد أن هناك حلولا كثيرة لجلب المياه و إعادة إحياء النخيل الذي هو الثروة الحقيقية للمنطقة ، و يؤكدون أن أطر المنطقة المنتشرون عبر مدن المغرب و العالم سوف يعودون إلى منطقتهم لخدمتها و بنائها بمجرد حل مشكل المياه ، الذي تزيده السياسة السياحية استفحالا بما أن السياح يستهلكون من الماء ؛ القليل أصلا ؛ أكثر مما يُستهلكه سكان المنطقة سواء في الشرب أو في الزراعة . هذه هي المشاكل الحقيقية للمنطقة ؛ أما السكان الأمازيغ ؛ فإنهم يحسون بأنهم مندمجون بالكامل في المغرب بمختلف مكوناته » .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق