الأربعاء، سبتمبر 07، 2011

الأمازيغية و الرهان الأمريكي !


بقلم : مصطفى الخلفي
( نقلا عن جريدة التجديد في 07 شتنبر 2011 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يحتاج ما نشره موقع «ويكليكس» من مراسلات متعددة للسفارة الأمريكية بالرباط حول الأمازيغية إلى وقفة دراسة و افتحاص لما كشفته من معطيات قد تبدو للبعض صادمة لكنها تقدم بصورة جلية حجم الرهان الكبير على الولايات المتحدة عند قطاع وازن من النخبة الأمازيغية ، و هو رهان يقابله
من الطرف الأمريكي استهانة و استصغار ، لاسيما و أن تقارير السفارة الأمريكية بالرباط تقدم نماذج لزيارات ميدانية لمناطق أمازيغية جد بعيدة لتجميع معطيات دقيقة حول هذه الملف ، و حقيقة حجمه على الأرض ، و مآلات تطوره المستقبلي ، و الوزن الفعلي للنخبة الأمازيغية .

ليس واردًا في هذه الافتتاحية استعراض تفاصيل هذه المراسلات ، إلا أن الخلاصة تقدمها مراسلة تضمنت محضرا للقاءات مع عدد من الفعاليات الأمازيغية مؤرخة ب 18 دجنبر 2007 (✺) جرى فيها تقديم القضية الأمازيغية للأمريكيين ، و انتهت بتقييم دالّ للسفارة الأمريكية حيث تبرز و بشكل واضح طبيعة الحجج المقدمة لدفع السياسة الأمريكية نحو الرهان على الأمازيغية كما تضعنا هذه المراسلات أمام رد الفعل الأمريكي إزاء طلبات الدعم .
في نقط مركزة نجد الوثيقة تتحدث عن صورة معادية للوجود العربي قوامها :
ــ الرؤية المؤطرة هي : « بناء جمهورية أمازيغية متحررة من التأثير العربي ، و تمتد من الحدود الشرقية لمصر إلى جزر الكناري ».
ــ « مشروع التمزيغ هدفه هو مواجهة قرون من الإبادة الثقافية العربية ».
ــ دعوة « أمريكا للمساعدة في تطوير قومية أمازيغية من أجل مواجهة خطر التطرف ذي الجذر العربي في العالم » و ذلك على شاكلة ما قامت به « فرنسا و بريطانيا في بداية القرن العشرين من بناء قومية عربية لمواجهة نفوذ الإمبراطورية العثمانية ».
ــ التأكيد على « الحاجة لفصل شمال إفريقيا عن العرب الذين يعادون الحضارة ».
ــ « أن الأمازيغ هم حلفاء للحكومة الأمريكية ، و أن على الولايات المتحدة أن لا تعتبر أن الحركة الأمازيغية موجهة بالفلسفة المعادية للغرب مثل القومية العربية أو الإسلام السياسي » . فـ » نحن جغرافيا و فلسفيا أقرب إلى واشنطن من الرياض و طهران ، طبيعيا نحن حلفاء ».
ــ التيار الأمازيغي « اليوم هو سلمي لكن التطرف خطر » ، و السبب هو أن « الإحباط ينمو وسط الشباب الأمازيغي » ، و المثال المثار هو « اصطدامات بداية 2007 بين الطلبة الأمازيغيين و العروبيين في الجامعات المغربية » ، و بدون حل سياسي فالتوتر و القلق سينتقل إلى خارج المركبات الجامعية و في الشوارع ، مع تشديد المخاطبين على الأمل في أن لا يقع ذلك .
ــ « المغاربة هم مسلمون بالقانون وليس بالاختيار، و إذا كانت لهم حرية القرار فمن المحتمل أن لا يبقوا مسلمين ».
في المقابل فإن الموقف الأمريكي كان باردا بحسب ما ورد في التعليق الختامي لتلك الوثيقة و الذي نسب للقائم بأعمال السفارة الأمريكية السابق جاكسون ، حيث يعتبر بداية أنه « الأمازيغية السياسية لم تنتقل بعد إلى مستوى القوة المؤثرة رغم أن القيادات الثقافية واعية و تنسق خطابها »، كما « أن محاوري السفارة الأمريكية هم من المستويات العليا للمجتمع الاقتصادي و السياسي المغربي إلا أنهم لا يمثلون الغالبية الساحقة من الأمازيغيين » ، كما توقف صاحب التعليق عند « ملاحظة الموقف الصريح الراديكالي أحيانا و الرافض للوضع القائم و ذلك لمصلحة مغرب أمازيغي »، ليختم بأنه « من غير الواضح خلفيات إثارة الغضب المتنامي في صفوف الشباب الأمازيغي ، و هل الغرض منه هو استدعاء المخاوف الأمريكية من اللاستقرار أو أنها تعكس ذلك حقيقة » ليختم « بأننا نعتقد بأن القضايا الأمازيغية سيتزايد حضورها رغم تنازلات الحكومة المغربية في التعليم و الإعلام ».
في الواقع نحن إزاء صورة مؤلمة و غير مشرفة ، فمن ناحية أولى هذه عملية استدعاء طرف خارجي للتدخل في قضايا داخلية يتم تدبيرها في إطار المؤسسات الوطنية ، و من ناحية ثانية فإن ذلك يتم بلغة تحريضية لا تتردد في المتاجرة باستقرار البلاد ، ثم ثالثا و هذا هو الأهم أن هذا الخطاب المتردي لم يستطع إقناع محاورييه من الأمريكيين، الذين كانوا على وعي بأنهم مجرد خطاب نخبة لا يمثل المجتمع ، كما يثير الشكوك حول صدقية دعاوى تحول المشكل إلى سبب من أسباب اللاستقرار .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(✺) http://wikileaks.org/cable/2007/12/07RABAT1857.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق