الأربعاء، أغسطس 04، 2010

الحركة الأمازيغية بالمغرب و مستقبل العلاقة مع الحركة الإسلامية

بقلم : مصطفى الخلفي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



منذ صدور البيان الأمازيغي في مارس 2000 و إلى غاية الإعلان عن التركيبة الأولية للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ، و ما تلاه من تفاعلات إيجابية و سلبية من نشطاء هذا التيار ، و الحركة الأمازيغية تعرف مخاضا عسيرا ، اشتدت معه حدة التقاطبات السياسية البينية ، كما تفاقمت التجاذبات الشخصية والحساسيات الذاتية بين الفرقاء ، و هو مخاض لا يزال مستمرا ، لا تتوقف تفاعلاته عن ضخ المزيد من الإشكالات على الفاعلين في الحركة الأمازيغية تحديدا ، و عموم الفاعلين في البلاد ، بغض النظر
عن مدى اتفاقهم أو اختلافهم مع أطروحات الحركة الأمازيغية.



و يمكن القول ، أن الزخم المتولد عن صدور البيان الأمازيغي لمحمد شفيق داخل نشطاء الحركة الأمازيغية لم يكن زخما عاديا و بسيطا ، فهو و إن طغى عليه التقاطب حول أطروحة التسيس و بناء الحزب الأمازيغي ، إلا أنه في العمق أدى إلى خلخلة التوازنات الداخلية للحركة الأمازيغية من جمعيات ونشطاء، و نجمت عنه معطيات جديدة على مستوى طبيعة و توجهات الحركة الأمازيغية من جهة ، كما أفرز زعامات و قيادات "جديدة " داخل الحركة من جهة أخرى ، بحيث أن المتتبع الدقيق لمجمل الخطابات الصادرة عن نشطاء هذه الحركة ، سيلحظ تحولات عميقة بالمقارنة مع مرحلة ما قبل البيان الأمازيغي ، أي ما قبل مارس 2000 ، و تفاعل هذا الزخم مع التطورات التي عرفتها السياسة العامة للدولة إزاء الملف الأمازيغي ، بدءا من صدور الميثاق الوطني للتربية و التكوين في خريف 1999 و انتهاء بالإعلان عن تركيبة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في يونيو 2002، حتى أن عددا من الفاعلين ــ بما فيهم هيئات في الحقل الأمازيغي ــ أصيبوا بحالة من الذهول إزاء هذه التركيبة كما ضمرت قدراتهم الاستشرافية حول احتمالات تطور تعاطي الدولة مع هذا الملف . الخلاصة هي أن النظرة التي سادت و ما تزال ، إزاء هذه القضية من لدن أغلب الفاعلين ، تتسم بتبسيطية شديدة واختزالية غير واقعية فضلا عن ضعف كبير في ملاحقة تطورات هذا المشهد ، بالشكل الذي تتكرر معه تجربة اليسار في فهم و تحليل و مواكبة ظهور و تبلور الحركة الإسلامية بالمغرب ، سواء من حيث فهم حقيقة الحركة و طبيعة التحولات التي تعرفها و علاقة الخاص المغربي بالعام العربي و الإسلامي في تجربتها ، والتوجهات المؤطرة لمسلكيتها السياسية و الاجتماعية ، و السياسات المطلوب صياغتها في التعامل مع الحركة ، و هو ما كانت له انعكاسات سلبية على مسار علاقة المجتمع السياسي عموما بالحركة الإسلامية ، و اليوم نجد الشيء نفسه يتكرر لكن بصيغ أخرى مع الحركة الأمازيغية ، مع التنبيه على الفارق الكبير بين الحركتين.



و على الرغم من الجهد النوعي الذي بلورته عدد من فعاليات الحركة الإسلامية إزاء مختلف الابعاد التي يطرحها هذا الموضوع ، إلا أن هناك حاجة ملحة لتحليل التطورات الراهنة للمسألة و استشراف مستقبل العلاقة على ضوء ذلك .



(1) ــ الحركة الإسلامية و الحركة الامازيغية : تطور العلاقة
لقد شكلت علاقة الحركة الأمازيغية مع مختلف المكونات و القوى السياسية و الاجتماعية و الثقافية بالبلاد أحد العناصر المحددة للمسألة الأمازيغية بالمغرب حيث أثرت طبيعة العلاقة و التحولات التي عرفتها بحسب كل مكون في بلورة أبعاد الإشكال الأمازيغي ، سلبا و إيجابا كما يصعب فهم و استيعاب التطورات التي شهدتها الحركة الأمازيغية ، إن على مستوى العلاقات البينية داخلها ، أو على مستوى الأطروحات و الاستراتيجيات المتداولة و الصادرة عنها، بمعزل عن دراسة هذه العلاقة ، و ضمنها العلاقة بينها و بين الحركة الإسلامية ، بحيث أن دراسة و تحليل مستقبل العلاقة بين كل من التيار الأمازيغي و التيار الإسلامي تمثل أحد مداخل دراسة مستقبل القضية الأمازيغية بالمغرب ككل ، ويمكن أن نشير هنا إلى أن تطور العلاقة بين الطرفين حكمته رواسب العلاقة بين بعض رموز الحركة الأمازيغية و الحركة الإسلامية من جهة أولى ، و مخلفات المرحلة الجامعية لعدد من القيادات حيث أنها شكلت الفضاء الأول للاحتكاك بين الأطروحتين من جهة ثانية ، ثم تجربة الحوارات و الندوات المشتركة التي سعت عدد من الجمعيات الأمازيغية و خصوصا الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي و بعض الجمعيات الموجودة في سوس إلى خوضها مع قيادات في الحركة الإسلامية من جهة ثالثة ، فضلا عن الخلفية الإسلامية لبعض الرموز و القيادات الأمازيغية و التي وعت منذ البداية بضرورة فتح الحوار مع الحركة الإسلامية وعدم تقديم الطرح الأمازيغي كطرح مناهض للإسلام ، و قد كشف الأستاذ حسين وعزي في كتابه عن << نشأة الحركة الثقافية الأمازيغية بالمغرب >> (الرباط 2000) أنه أثناء الإعداد لمشروع كتاب أبيض حول اللغة و الثقافة الأمازيغيتين في نهاية الثمانينات تم الاتفاق على مجموعة مواضيع منها موضوع " الإسلام والثقافة الأمازيغية " ، و تكلف به الأستاذ محمد شفيق ، و قد اختزلت المواضيع فيما بعد في إطار ميثاق حول اللغة و الثقافة الأمازيغية ، إلا أن الملاحظ أن هذا المحور لم يكن مستقلا ضمن الميثاق كما صدر في 5 غشت 1991 (ص 128) من جهة رابعة .



من الناحية التاريخية فإن العلاقة بين التيارين قد مرت بثلاث مراحل أساسية : مرحلة التوجس و الترقب و هي التي سادت إلى بداية التسعينات ..؛ ثم مرحلة التعايش و الحوار و التي برزت في أواخر التسعينيات على إثر الحوار الذي دشنته الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي مع الحركات الإسلامية ، وقد خلصت الجمعية في هذا الحوار الذي ضمها مع ممثلين لأهم مكونات الحركة الإسلامية في المغرب إلى أن << هذه الأخيرة عبرت عن أن الإسلام لا يتعارض في مبادئه مع الخصوصيات اللغوية للشعوب ، و أن اللغة الأمازيغية ليست موضوع اعتراض مبدئي في ذاتها كلغة ، شرط أن تكون حمولتها الفكرية إسلامية، بينما أكدت الجمعية بأن اللغة الأمازيغية باعتبارها مسؤولية جميع المغاربة بغض النظر عن توجهاتهم الفكرية و الثقافية ، قابلة لأن توظف في سائر مجالات التنمية و التوعية بما فيها المجال الديني . قد لاحظ الجميع وجود تقصير في استعمال اللغة الأمازيغية في الإرشاد الديني سواء على مستوى الصحافة أو في خطبة الجمعة أو التأليف و الترجمة و خاصة لمعاني القرآن على غرار ما تم في لغات الشعوب الإسلامية الأخرى >> ( بلاغ حول الحوار مع مختلف مكونات المجتمع المدني والسياسي حول الأمازيغية الجمعية المغربي للبحث و التبادل الثقافي 22 ماي 1996 ) ، و قد عرف تقديم نتائج الحوار مع عموم المكونات من طرف الجمعية نقاشا حول حصيلة الحوار مع الحركة الإسلامية ، حيث اعتبر إبراهيم أخياط أن الجمعية ترفض << حصر اللغة و الثقافة الأمازيغيتين في ما هو إسلامي كشرط للاعتراف بهما و الدفاع عنهما ، إنها كشأن كل اللغات ، بوسعها استيعاب كل الانتاجات الفكرية و المادية المرتبطة بالمجتمع الإنساني عامة والمجتمع المغربي خاصة >> . كما ذكر اعتراف الحركة الإسلامية << بالتقصير في استعمال اللغة الأمازيغية ضمن الخطاب الإسلامي خاصة داخل الفئات الاجتماعية الناطقة بالأمازيغية >> ، و أحال على خطبة الجمعة و إصدار الاشرطة و ترجمة معاني القرآن و تبسيط المسائل الدينية و استعمال الأمازيغية في إعلام مكونات الحركة الإسلامية ، أما أحمد عصيد فقد اختار زاوية أخرى للتعليق على هذا الأمر حيث ناقش مفهوم اللغة عند الإسلاميين و الدلالة الخاصة لهذا المفهوم عندهم و المرتبطة بتعريب الشعوب الأعجمية و وجود نوع من التفضيل للعربية في المشروع الإسلامي ، و أبرز أن من حق الإسلاميين ككل المغاربة استعمال اللغة الأمازيغية في عملهم ، و ختم بأن << هذا المنظور الديموقراطي عندما يقوده حوار فإنه سينتهي بالضرورة إلى تفاهم حول نقط الالتقاء >> (الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي – 30 سنة من العمل الثقافي الأمازيغي- ص 152 – 153 - الرباط 1997 ) ، و قد أضاف عصيد في معرض جوابه عن سؤال آخر في نفس الندوة أن الحركة الإسلامية تنبذ << المنظور العلمي للتاريخ >> في إشارة إلى التمييز الذي يقومون به في الامازيغية بين ما هو وثني و ما هو إسلامي ، و أنه << بالنسبة إليهم يبدأ تاريخ المغرب فقط بمجيء الإسلام ، فماسينيسا و يوكورتن و الشخصيات المغربية المشهورة في التاريخ و التي لها حضارتها تعتبرهم الحركة الإسلامية و ثنيين >> ( نفس المرجع السابق ص 169 ) . و في نفس المرحلة صدر عدد خاص من مجلة الفرقان ذات العلاقة مع حركة التوحيد و الإصلاح و ذلك في موضوع << الحركة الامازيغية بين الذات و الاستيلاب >> ( الفرقان – عدد 38 – 1997 ) تم الانفتاح فيه على عدد من نشطاء الحركة الامازيغية و كذا مخالفيهم ، و قدم الأبعاد المميزة للموقف الحركي الإسلامي بالمقارنة مع مواقف التيارات القومية أوالأمازيغية .



ثم تطور الأمر في مرحلة ثالثة في اتجاه المفاصلة و التمايز ، مع بعض الاستثناءات ، و هي المرحلة التي انطلقت مع صدور كل من كتاب الأستاذ عبد السلام ياسين المعنون بـ << حوار مع صديق أمازيغي >> ( 1997 - مطبوعات الأفق – الدارالبيضاء ) و الذي نشر لحوار تم كتابة بين كل من الأستاذ محمد شفيق و الأستاذ عبد السلام ياسين ابتدأ بمراسلة لمحمد شفيق في 1995 ، و بعده كتاب الأستاذ محمد عصيد المعنون بـ << الأمازيغية في خطاب الإسلام السياسي - حوار حول إشكاليات المرجعية الدينية و العلمانية و المسألة اللغوية >> (منشورات الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي – 1998 ) ؛ فضلا عن صدور دراسة الأستاذ المصطفى المسعودي << الأمازيغية و الإسلام في المغرب >> بجريدة الجسر عددي 34 و 36؛ و التي اتسمت بالدعوة إلى بناء خطاب أمازيغي إسلامي قدوته طارق بن زياد ، و يوسف بن تاشفين ، و المهدي بن تومرت ، وأبو الحسن اليوسي ، و عبد الكريم الخطابي ، و المختار السوسي في مواجهة << أمازيغية كسيلة بصيغتها الجديدة التي تميل إلى البحث عن أطلالٍ لهوية متخيلة في الزمن الوثني الذي اندثر، و تسقط بجرة حكم جائر أربعة عشر قرنا من التاريخ الأهلي الإسلامي للأمازيغ ، و هي تقدم علانية ولاءها الكامل للخصم الحضاري التاريخي المتمثل في فرنسا ، بل و تمد يد الوصال إلى شذاذ الآفاق من الصهاينة المجرمين . و بالمقابل لا تتورع أمازيغية كسيلة هذه عن التنكر للارتباط بالحضارة العربية الإسلامية ، و الدفع بعلائق التوتر صعدا مع المحيط الأهلي ومكوناته البشرية و الثقافية ، و تسعير النعرات القبلية العشائرية ، و التهجم على لغة القرآن و المكون العربي و الحركة الإسلامية و أحيانا الإسلام نفسه >> (ذ.المصطفى المسعودي ، "الأمازيغية و الإسلام في المغرب - من أجل خطاب بديل خط الهوية :طارق و كسيلة " جريدة الجسر 36-1997) حيث اتخذت العلاقة بعدا صداميا و صراعيا لم يتطور إلى أشكال عملية بل بقي في الحدود اللفظية ، مع الإشارة إلى أن إرهاصات التصادم برزت قبل ذلك و خصوصا في الساحة الجامعية ، أوبمناسبة بعض خطب الجمعة التي يتطرق فيها بعض رموز الحركة الإسلامية للموضوع الأمازيغي ، مثل ما حصل مع خطبة الأستاذ عز الدين توفيق في أواسط نونبر 1994 و التي أصدرت على إثرها الجمعية الجديدة للثقافة و الفنون الشعبية ــ فرع الدار البيضاء ــ بيانا "استنكاريا" ، و تلاه توضيح نقذي للأستاذ عز الدين توفيق في جريدة الراية (عدد 128-10 يناير 1995) ، و قد قدم هذا الحدث مؤشرا على غياب توافق بين مكونات الحركة الأمازيغية إزاء الحوار مع الحركة الإسلامية ، و أن مبادرة الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي لا تتوفر على قبول وازن داخل التيار الأمازيغي ، بل إن حتى من داخل الجمعية نفسها كان هناك معارضون لهذا التوجه المنفتح على الحركة الإسلامية.



(2) ــ أبعاد المواقف المؤطرة لمرحلة المفاصلة
سبقت الإشارة لبعض الحيثيات و الخلفيات التي ارتبطت بانتكاس مسلسل الحوار بين التيارين و دخول العلاقة بينهما مرحلة مفاصلة و تمايز و اصطدام بحسب مكونات كلا الطرفين ، و يمكن القول إن كتاب الأستاذ عبد السلام ياسين << حوار مع صديق أمازيغي >> لعب دورا أساسيا في ذلك ، لاسيما بعد صدور كتاب الأستاذ أحمد عصيد << الأمازيغية في خطاب الإسلام السياسي >> و الذي عمل صاحبه على الرد على كتاب ذ.عبد السلام ياسين بالأساس و نقد الأفكار الواردة فيه .



في كتاب << حوار مع صديق أمازيغي >> نجد منزعا لتفكيك جوهر "الدعوة الأمازيغية" ، و عدم الاكتفاء بمناقشة قضايا اللغة و الثقافة ، و يذهب إلى تحليل ما بعد الحسم في هذه القضايا انطلاقا من رؤية إسلامية واضحة ، وسننطلق من هذا الكتاب كأرضية لاستجلاء مجموع العناصر التي أطرت الموقف الحركي الإسلامي بالمغرب إزاء الحركة الأمازيغية ، مع التنبيه على أن عموم التنظيمات الإسلامية لم تعلن اتفاقها الصريح مع مختلف مضامين الكتاب.



و من خلال تتبع الكتاب يمكن التوقف عند المواقف التالية:

• إن كنت - موجها الخطاب لمحمد شفيق - تأخذ على القومية العربية ، و على النعرات العروبية و الدينية المحلية ، ازدراءها للناس، و طغيانها، و ظلمها ، و بخسها أشياء الناس ، فأنا آخذ عليها زيادة على ذلك استكبارها في الأرض و عتوها و إلحادها . (...) ترتبط في اعتبار المسلم الحيثياتُ السياسية بالحيثيات الإيمانية في الحكم على القومية العربية الملحدة (ص67) .

• هذه الثقافة المائعة المميعة ضرة للغة القرآن الحاملة رسالة القرآن . سواء هي الأمازيغية الهازجة الراقصة و اللغة العربية اللفظ الماجنة المحمول في الضرار . ما هما إلا خادمتان للسدة العلية لغة الأسياد المثقفين المستعمرين (ص83) .

• إن الله عز و جل منزل الكتاب و مخاطب أولي الألباب هو المتكلم بالقرآن . القرآن كلامه ، و كلامه صفته : مقدس في مقدس . هو سبحانه المتكلم بالقرآن ، وعاء كلامه القدسي اللفظ العربي ، و التركيب العربي ، و البلاغة العربية . دخل اللفظ و البلاغة و التركيب في نطاق المقدس ما دام اللفظ لفظ القرآن ، و التركيب آيات القرآن ، و البلاغة بيان القرآن . فإذا كتبت أن من كفر باللسان العربي فقد كفر بالله ، فإنما أعني لغة القرآن و آيات القرآن (ص97) .

• و ما يشعرنا أن الثورة الثقافية الأمازيغية ، و السياسة الثقافية الأمازيغية ، لن يطَلّق بعضهم من خلالها الخُلق و الدين ، و لن تفضي الثورة الثقافية الأمازيغية بالمسلمين المغاربة إلى صراع و نزاع ، لن يصبح الخصام اللغوي صراعا على البقاء و الوجود ، و حربا أهلية يريد مسيّسو الثقافة الأمازيغية و مسيسوها أن يجندوا لمعاركها و مواقعها الأجيال بتعميم اللغة الامازيغية وترسيمها في المدارس (ص98-99) .

• لم تتعرب من المسلمين شعوب فيما مضى ، و إن في تحديات العدوان الشامل المستكبر الحاضر ، و في آمال قوة و قدرة لا سبيل إليها إلا بوحدة ، ما يدفع المسلمين العجم و العرب لتبني لغة القرآن التي جمعت قلوبهم على كلمة الإيمان و التقوى لتجمع قلوبهم على جهاد تحديث اللغة العربية و ترويضها لتحمل أسرار العلوم الكونية و خبرات التجارب البشرية ، و لتصبح اللغة العالمية المنافسة في كل الميادين ، الجديرة بحمل رسالة الله إلى الإنسان المودعة في اللسان العربي المبين ، في كتاب نزل به الروح الأمين (ص111) .

• و ما لعبها ــ أي الأمازيغية الثقافية ــ و لعب العربوفونية القومية اللادينية ، في ساحة المحجورين المهمشين عن ميدان الفعل و التصرف إلا تسلية وسلوان . و اللغة السيدة بالفعل هي اللغة الإفرنجية المسيرة للإدارة والاقتصاد و دواوين الدولة (ص133-134) .

• أما أن تتقاتل فيما بيننا ، نحن المسلمين ، و تزدوج ، و تتثلث ، و تتربع ، لغات و لهجات فذلك التمزيق المميت . تفضي الازدواجيات المتقاتلة إلى ازدواجية في الولاء ، و يفضي ازدواج الولاء عاجلا أو آجلا إلى خصام كالذي نشاهده في بلجيكا و كندا حيث تتصارع لغتان و ثقافتان ، و حيث يطلب الفلامانيون البلجيك الانفصال الكلي عن الفرنكفونيين الوالون البلجيك ، و حيث يحتكم الكنديون في كيبيك إلى صناديق الاستفتاء ليستقلوا استقلالا كاملا و نهائيا عن الدولة الكندية المزدوجة اللغة مبدئيا ، الأنجلوفونية عمليا و سياديا (ص135) .

• الصلاة أولا . ثم نتابع الحوار مع أمازيغيين يصلون . أو نعلم من ينكر أن الصلاة من الإسلام فنحاوره أيضا لكن من منطلق آخر . أو يسوف أمازيغي ويقول : الله يهدينا . أو يحرن أمازيغي و يقول : ما دخل الصلاة في الحوار بين الناس ؟ أو يداري و يماري أمازيغي منافق في الدين فنحمل جعجعته واحتجاجه على أنه مسلم من قبيل الشعارات السياسية الكئيبة . مثلت بالأمازيغي لأننا بصدد الحوار مع الأمازيغيين . و للعربي الأعرابي القومي العروبي المنكر و الجاحد المسوف المنافق أقول أشد من هذا و افصح (ص 172) .

• لكن أن يرفع راية التفرقة بين المسلمين نبهاء من الناس من أعراب عروبيين قوميين ، أو شلوح أمازيغيين يدعو كل فريق منهم بدعوى الجاهلية، فهذا مروق عن الدين و إحداث في الدين . و هذه واضحة الإسلام (ص 186) .

• لكن المثقفين البربر المعتزين بأمجاد الجاهليين الأمازيغ هم حملة لواء الأمازيغوفونية . و أنتم المسلمين المصلين المعتزين بطارق و ابن عبد الكريم الناطقين بلغة الأجداد البربر هوامش في الجمهور البربري (ص194) .

• لا يعني التنصل من العبية التبرؤ من انتماء المرء لشعبه و قومه . بل الانتساب السليم إلى القوم و الشعب و اللغة و الآصرة تشد من كيان المسلمين كما تشد العبية الجاهلية جموع جهنم و حثاها (ص196) .

• ألا و إن قطع حبال الجاهلية لا يعني إنكار الرجل المسلم و المرأة المسلمة لغة قومها . لا يعني قطع رحم في الشلوح و الامازيغ و الريف . بل صلة الرحم مطلب أساسي من مطالب الإسلام . و الألفة مع القرابة و الناطقين بلغة الأقارب شأن من شؤون الفطرة السليمة يوظفها الإسلام التوظيف السليم لتكون رابطة تقوي رابطة الإسلام . فإن نازعتها و غلبت عليها و أحببت الامازيغي الكافر و الشاك في دينه و كرهت العربي المسلم فما إسلامك إلا خدعة تخدع بها نفسك (ص200-201) .

• لا ينكر الإسلام البناء القبلي و العرف و اللغة ما دامت لا تناقض الإسلام . بل يشجع روابط العرف و اللغة و القوم إن كانت تفتل في حبل القوة الإسلامية و تشد من عضدها . فهل من طارق بن زياد فيكم يا أخوالي الشلوح ، يا بني عمي الأمازيغ ، يا أسد الريف المجاهدين ؟.. (ص202) .


تمثل هذه المواقف الأرضية العامة المشتركة و التي نجدها بصيغ مختلفة في الخطاب الحركي الإسلامي تجاه الأمازيغية و ذلك بغض النظر عن الأسلوب المعتمد في إخراجها و التعبير عنها من طرف الأستاذ عبد السلام ياسين و الذي كان خطابا دعويا أكثر منه خطابا علميا جافا ، دون أن يطعن هذا في البناء الاستدلالي له ، مع الإشارة إلى أن الصراحة الحادة والمستفزة أحيانا و التي لا تلجأ إلى الالتواء أو المناورة أو التدليس في الحوار مع الآخر ، عاقت الفهم السليم لأطروحاته عند عدد من نشطاء الحركة الأمازيغية ، و هذا لا يمنعنا من التأكيد على أن تطورات الخطاب الثقافي و السياسي الأمازيغي بالمغرب أكدت صحة غالبية الأفكار الواردة فيه.

و بشكل مركز فإن هذه المواقف عملت على التمييز بين المسألة الأمازيغية و الحركة الأمازيغية ، و اعتبار السمة الغالبة في هذه الأخيرة أنها تصبغ حمولة إيديولوجية لا علاقة لها باللغة و الثقافة الأمازيغيتين ، كما أوضحت الموقف الإيجابي لقضايا اللغة و الثقافة و العرف الأمازيغيين . و حددت بدقة عناصر الخلاف مع الحركة الأمازيغية ممثلة في هواجس العصبية العرقية والقومية اللغوية و الهوية القبلية و انعكاسات ذلك على الوحدة الوطنية ، وكشفت جوهر التناقض القائم على مستوى المقابلة الصراعية المزعومة في الخطاب الأمازيغي بين اللغة العربية و اللغة الأمازيغية ، لا سيما في ظل التوظيف غير السليم لدلالة كون اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم.


و على الرغم من أهمية النقد الذي أصدره أحمد عصيد حول هذا الكتاب و الجهد الذي بذله في تقديم أطروحة مضادة تعمل على تفكيك عناصر الخطاب الإسلامي إزاء الأمازيغية و المسألة اللغوية ككل ، إلا أن الملاحظ هو عدم تمكن الكتاب من استجلاء العناصر العميقة للموقف الحركي الإسلامي من الطرح الأمازيغي في المغرب ، و باستثناء بعض الملاحظات القيّمة فإن الكتاب سقط في إطلاق أحكام إطلاقية أعاد فيها إنتاج الخطاب الماركسي و العلماني و القومي المشرقي تجاه الحركة الإسلامية ، كما سقط في بعض التعميم و التعسف في عرض مواقف بعض الإسلاميين حتى أنه أغفل التعرض للعناصر الإيجابية في الموقف الإسلامي مما جعله ردّا انفعاليا في بعض فقراته ، و دفع البعض إلى اعتبار الكتاب مغاير للتوجه الذي سارت عليه الجمعية عند تدشين الحوار مع مكونات الحركة الإسلامية لاسيما عند المقارنة بين الكتاب و بين البلاغ الصادر عن الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي والمشار إليه آنفا.



(3) ــ الهوية الأمازيغية محددًا مركزيًا
تعد قضية الهوية المغربية جوهر الخلاف القائم بين كل من الحركة الإسلامية و الحركة الأمازيغية ، و هو خلاف يتجاوز مسألة الاعتراف باللغة والثقافة الأمازيغيتين ، بل و يتجاوز حتى الاعتراف بالأعراف الأمازيغية مصدرًا للتشريع في المناطق الأمازيغية ، و حسم موقع البعد الأمازيغي ضمن الأبعاد المختلفة للهوية المغربية يمثل . و دون أن نغوض في تفصيلات " التحولات الفكرية " في الخطاب الأمازيغي ، فيمكن التوقف فقط عند التعاطي الذي بدأ يبرز إزاء طبيعة الهوية المغربية ، ففي البداية اتسم الخطاب الأمازيغي بالدفاع عن هوية متعددة الأبعاد تتمثل في كل << البعد الأمازيغي ، و البعد الإسلامي ، و البعد العربي ، و البعد الإفريقي ، و البعد الكوني . و هي أبعاد لا يمكن اختزالها في بعد أو نموذج واحد على حساب الأبعاد الأخرى ؛ و يظهر تكامل وانصهار هذه الأبعاد كلها في اللغة و الفكر و العادات و التقاليد و مظاهر الحضارة من عمران و فنون و آداب و غيرها من الجوانب الحياتية للإنسان المغربي >> ( ميثاق أكاديرحول اللغة و الثقافة الأمازيغيتين بالمغرب غشت 1991 ) .



و الآن نجد أن عددا من الفاعلين في خطاب الحركة الأمازيغية يتحدث عن << الجوهر الأمازيغي >> للثقافة المغربية و أن بقية الأبعاد ليست إلا مؤثرات وافدة كما جاء في مشروع الورقة الثقافية التي قدمت للمؤتمر الأخير لجمعية تاماينوت (4 ـ 5 أبريل 2002) و أنها هوية ترتكز على الأمازيغية ، فهي العنصر الرئيس في تشكيل هوية المغاربة كما طرح محمد بودهان ( عضو معين في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ) في مقال سابق له بجريدة "تاويزا" عدد 75 يناير 2002 ، و ذلك في معرض رده على عبد الحي المريني . و الأمر نفسه تكرر في بعض الأوراق التي قدمت لليوم الذي نظمته اللجنة الجهوية للبيان الأمازيغي شمال المغرب بالناظور في 42 مارس 2002. فمثلا ورد في ورقة بعنوان <<الحزب السياسي بين الضرورة و الأزمة >> من إعداد كل من محمد بالي ، والحسين الإدريسي ، و أبو بكر الصالحي : << مجتمع واحد و هوية واحدة بألوان مختلفة : نعارض بشدة بعض المقولات التي ترى بأن المغرب ذو ثقافات وأبعاد مختلفة { و يذكرون في ذلك البعد العربي الأندلسي الإفريقي الأمازيغي } نحن نرى أن للمغرب ثقافة واحدة و هوية واحدة هي الأمازيغية ، إن ما يسمى بالثقافات المتعددة من عربية و أندلسية و إفريقية ما هي إلا تأثيرات و عناصر صغرى عملت الهوية الأمازيغية على استيعابها و عجنها عوض الخضوع لها ، ومن هذا المنطلق لا يمكن أن تقف تلك العناصر الثقافية أمام الهوية الوطنية الأمازيغية ، لأن الأخيرة محلية و قوية متنوعة أما الأخرى فوافدة منضمة >> .



كما لا نعدم وجود مقالات و تصريحات تتحدث عن الشعب الأمازيغي المغربي و عن تمزيغ المغرب . و هذا في تقديري يمثل تحولا دالا في مسار الخطاب الثقافي و الفكري الأمازيغي بالمغرب ، و يطرح بالتالي تحديات حقيقية إزاء قضايا القومية و الوحدة و التجزئة ، ذلك أن أي طرح يعمل على تفسير بقية الأبعاد المكونة للهوية المغربية بالنظر لبعد واحد يسقط من حيث أنه يدري أو لا يدري في الطرح القومي الشوفيني في صيغته الأمازيغية ، كما لا يعني هاجس الوحدة و التجزئة في تحليل انعكاسات هذا الطرح على المستوى السياسي والاجتماعي السقوط في دعوى التفرقة داخل المغرب ، بل الأمر أكبر من ذلك لأن طرحا من هذا القبيل سيؤدي بالتبع إلى فصل المغرب عن العمق العربي والإسلامي ، فضلا عن أن الطرح الهوياتي الأمازيغي ليس إلا قاطرة للتسربل بالطرح العلماني ، بحيث أن مشروع تمزيغ المغرب لا يمثل إلا الوجه الآخر لمشروع علمنته ، و هو ما يفسر حماس بعض الأمازيغيين لمسألة المقابلة الحادة و النزاعية بين العربية و الأمازيغية و التي لا يقابلها نفس الحماس عند طرح التقابل بين الأمازيغية و الفرنسية ... و يمكن العودة إلى نص المشروع الذي طرحه أحمد الدغرني تحت عنوان << البديل الأمازيغي >> ــ مشروع الأطروحة السياسية الأمازيغية نشرت مؤخرا في جريدة منار الشمال ، عدد 35 ـ 15 يونيو 2002 ــ حيث تضمنت ما يكفي من الشواهد على المواقف الآنفة الذكر . بحيث أن أصحاب الطرح الوطني الإيجابي في نظرته لقضايا الإسلام و اللغة العربية والمستوعب لوجود نزوعات متطرفة و لها قابلية التوظيف الأجنبي ، أصبحوا أقلية داخل التيار الأمازيغي.



و الحاصل أن كلا البعدين القومي و العلماني في الطرح الهوياتي الأمازيغي هما بعدان طارئان لا يمتلكان أية جذور حضارية و تاريخية ، و هو ما جعل الخطاب الأمازيغي يتسم بفقر تأصيلي و تكلس تنظيري إزاء هذه المسألة ، بل إنه في مواجهة الخطاب الإسلامي و الدفاع عن مقولات العلمانية لجأ إلى استنساخ الخطاب الماركسي و القومي المشرقي و توظيف مفرداتهم و مقولاتهم في ذلك ، و نفس الشيء حصل مع التوجهات الأمازيغية الداعية إلى الانطلاق من مفهوم الشعب الأمازيغي مرتكزين في ذلك على الإعلان العالمي الخاص بالشعوب الأصلية ، و اعتبار الأمازيغ في المغرب بمثابة شعب أصلي ، مع الإشارة إلى المعارضة القوية لهذا التوجه من لدن بعض قيادات الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي .



و هذه الإشكالية المرتبطة بتصريف الخطاب العلماني و القومي من داخل المسألة الأمازيغية تمثل جوهر الخلاف بين الحركة الإسلامية بالمغرب و الحركة الأمازيغية على الرغم من أن درجة الوعي بالأبعاد العميقة للجانب الهوياتي في المسألة الأمازيغية و التفاعل مع ذلك هي متباينة في صفوف نشطاء الحركة الأمازيغية ، و هو تباين حكم و يحكم جزءا مقدرا للتعددية الموجودة داخل الحركة، كما رهن آفاق تطورها و امتدادها الثقافي و السياسي و الاجتماعي.



(4) ــ الحركة الإسلامية و المسألة الأمازيغية : أي مستقبل ؟
يمكن القول بداية إن تفاعل الحركة الإسلامية مع التطورات الحالية في المشهد الأمازيغي هو تفاعل محدود لم يرق إلى درجة التأثير في هذه التطورات ولعب دور أساسي في توجيهها بل كان في موقع المتابع عن بعد ، إلا أننا نعتبر أن المستقبل سيعرف بروز التقاطب الإسلامي الأمازيغي بالنظر إلى المضامين "الجديدة" في الخطاب الأمازيغي و التي ستدفع نحو تدافع حاد بين الطرفين.



يتسم الوضع الراهن للعلاقة بنوع من المفاصلة و التمايز و الصدام النسبي المتحكم فيه ، لاسيما بعد بروز مواقف صريحة داخل الحركة الأمازيغية تجاه الحركة الإسلامية من جهة ، و انكشاف عمق الخلاف إزاء بعض القضايا المركزية في المسألة الأمازيغية من قبيل قضية الحرف و اعتبار الحرف اللاتيني و ما يعتبره البعض "العالمي" هو الأساس في كتابة اللغة الأمازيغية مثلما ورد في افتتاحية جريدة "تاويزا" ــ عدد 56دجنبر 2001 ــ حول ظهير إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية حيث علقت على مسألة الحرف << الذي سيقرره المعهد لكتابة الأمازيغية >> فبعد أن اعتبرت أن الظهير سكت عن القضية و ترك الحسم فيها للمعهد مكتفيا في فصله الثالث بالإشارة إلى دراسة التعابير الخطية الكفيلة بتسهيل تعليم الأمازيغية ، ذكرت أن << هناك من يرى في هذه الإشارة تلميحا ضمنيا لاستعمال الحرف اللاتيني على اعتبار أن هذا الحرف هو الذي يسهل تعلم الأمازيغية كما أثبتت الممارسة ذلك عند دول سبق لها أن باشرت تدريس الأمازيغية كالنيجر و مالي و الجزائر بالإضافة إلى دول أوروبية أخرى>> كما استنتجت الافتتاحية من البند السابع من الفصل الثالث من الظهير و الذي يتحدث عن إقامة علاقات تعاون مع الهيئات و المؤسسات الوطنية و الأجنبية المهتمة بالشأن الثقافي و العلمي و السعي إلى تحقيق أهداف مماثلة ، أن هذا الكلام قد يستنتج منه << دعوة إلى استعمال الحرف اللاتيني مادامت كل الهيئات و المؤسسات الأجنبية الساعية لتحقيق نفس الأهداف أي المهتمة بتنمية الأمازيغية تستخدم الحرف اللاتيني و بالتالي لا يمكن التعاون معها أو إفادتها والاستفادة منها إلا إذا كان المعهد يستعمل هو أيضا الحرف اللاتيني في كتابة الأمازيغية >> . بل إن الافتتاحية التي حررها محمد بودهان عضو المعهد ، ذهبت إلى حد اعتبار أن << اختيار المعهد للحرف اللاتيني أو العربي سيكون علامة بارزة تكشف عن ما يراد بالأمازيغية و للأمازيغية و عمّا يراد للمعهد أن يريده بالأمازيغية و للأمازيغية ، كما سيجيب ذلك الاختيار على كثير من الأسئلة تتعلق بالجدية و الصدقية و حسن النية في النهوض بالأمازيغية ... ففي مسألة الحرف يجب التمييز بين الحرف الذي يخدم الأمازيغية و لا شيء غير الأمازيغية ، و هو الحرف اللاتيني ، و بين الحرف العربي الذي يخدم بعض المواقف حول الأمازيغية، و ليس الأمازيغية ذاتها . فمعركة الحركة الأمازيغية إذن قد تنتهي مع إقرار الحرف اللاتيني أو قد تبتدئ مع فرض الحرف العربي >> .



و قضية الحرف التي تمثل حجة قوية في الخطاب الإسلامي للتدليل على النزوعات غير البريئة لبعض الدعاة الأمازيغيين ، مازالت محط نقاش علمي أكاديمي لم يستطع إثبات دعوى صلاحية و أفضلية الحرف اللاتيني للغة الأمازيغية. و يمكن هنا الإحالة فقط على فشل التجربة الجزائرية في تعليم الأمازيغية بالحرف اللاتيني فضلا عن النقاشات العلمية التي كانت في بداية التسعينيات في المغرب بين أنصار الحرف اللاتيني و أنصار الحرف العربي.



أثرنا هنا فقط مسألة الحرف المعتمد في كتابة و تدريس اللغة الأمازيغية، و ذلك بشكل مختصر لنكشف حجم الصدام المستقبلي الذي سيتفجر حول تدبير النهوض باللغة و الثقافة الأمازيغيتين حيث سيجد كل تيار نفسه في مواجهة التيار الآخر.



بالإضافة إلى ذلك فإن التقدم أكثر في كشف الوجه العلماني و القومي للطرح الأمازيغي سيعمق هو الآخر إسفين المفاصلة بين الحركتين ، لاسيما إذا ما استغل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية لصالح أطروحات التوجه القومي ، العلماني ، و سيدفع الحركة الإسلامية إلى بلورة استراتيجيتها الخاصة إزاء المسألة الأمازيغية ، استراتيجية تقوم على التوجه مباشرة نحو الناطقين بالأمازيغية و تطويرالخطاب الذي بلورته منذ أواسط التسعينيات لمواجهة الطرحين العلماني والقومي دون أن يكون ذلك على حساب اللغة و الثقافة الأمازيغيتين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق