الأربعاء، يوليو 28، 2010

تدريس الأمازيغية بالمدرسة المغربية .. بين التربوي و السياسي

بقلم : محمد أكنو
ـــــــــــــــــــــــــــ
أصبحت مادة الأمازيغية اليوم جزءا من المقررات الدراسية للتعليم الابتدائي ببلادنا ، و جاء هذا "الإغناء" للحقل التعليمي بعد التطورات النوعية المفاجئة التي شهدها التعامل الرسمي مع ملف الأمازيغية في السنوات الأخيرة ، و شكّل تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية سنة 2001 أهم هذه التطورات . حيث اشتغل هذا المعهد في
وقت قياسي ليصدر بالتعاون مع وزارة التربية الوطنية المقرر الدراسي لمادة الأمازيغية بفروعها الثلاث ، و بدأ تدريس هذه المادة في السنة الأولى و الثانية من التعليم الابتدائي في عدد من المدارس على أن يتم تعميمها تدريجيا على جميع المؤسسات الابتدائية العمومية و الخاصة و على جميع المستويات ... و اعتبر أغلب مناضلي الحركة الأمازيغية هذه الخطوة مكسبا للأمازيغية و لا يخفون رضاهم عندما يرون حرف "تيفيناغ" يظهر أخيرا على الكتب المدرسية ، هذا الحرف الذي تعتبره الجمعيات الأمازيغية الحرف المناسب لكتابة لغتهم ، حيث تم الحسم لصالح هذه الأبجدية بعد نقاش حول اختيار الحرف المناسب للكتابة الأمازيغية ، بعد أن ذهب البعض إلى حد المطالبة بكتابتها بالحرف اللاتيني ...



إلا أن ثمة من يسأل : هل إدماج الأمازيغية في المنظومة التعليمية بهذا الشكل و في هذا التوقيت له غاية تربوية ؟ أم هو مجرد اختيار سياسي له إكراهاته ؟



لا شك أن التعامل الرسمي مع ملف الأمازيغية تحكمه هواجس سياسية وإكراهات يفرضها المناخ السياسي المحلي و الإقليمي ، فالقضية الإثنية و العرقية أصبحت ورقة ضغط رابحة من طرف قوى و جهات خارجية على مجموعة من الدول العربية باسم احترام حقوق الإنسان .. و نضالات الحركات الأمازيغية ببلدان المغرب العربي أصبح أكثر تصعيدا حيث تمكنت هذه الحركات من مأسسة نضالاتها على المستوى الدولي فكونت ما يسمى بالكنغرس العالمي الأمازيغي الذي ينشط في بعض الدول الأوربية حيث يحظى المناضلون الأمازيغ بالدعم الإعلامي والأكاديمي ، و خصوصا من طرف فرنسا ، لذا أصبح المغرب الرسمي مكرها على تزيين الواجهة و تلميع الصورة على جميع الأصعدة و ضمنها ملف الأمازيغية ، فحقق له ذلك احتواء بعض الناشطين الأمازيغيين عبر مأسسة أمازيغية رسمية توفر لك أيها المثقف و المناضل الأمازيغي كل إمكانيات العمل الثقافي و الأكاديمي على المقاس الرسمي و وفق الأجندة و التوجهات السياسية المعروفة...



إدماج الأمازيغية إذن بشكل قسري في حقل تعليمي تنخره الأمراض والشيخوخة مجرد قرار سياسي متسرع لن يؤدي إلاّ إلى المزيد من تعقيد العملية التعليمية و المزيد من الفشل الدراسي في ظل منظومة تربوية فاشلة أصلا ، و في ظل مشكل التعدد اللغوي منذ السنوات الأولى ؛ فتلميذ السنة الأولى ابتدائي مثلا لا يمكنه استيعاب لغتين في آن واحد عربية و أمازيغية ، و تلميذ السنة الثانية لا يمكنه استيعاب ثلاث لغات عربية و أمازيغية و فرنسية .. و إن ما يزيد المشكل تعقيدا هو اعتماد أبجدية تيفناغ و تنزيله ، بطريقة كلية و دون تدرج ، في المقررات و المراجع البيداغوجية ، و دون تكوين كاف و مبرمج مدعوم بالوسائل الديداكتيكية المساعدة على أبجدية جديدة و غير مألوفة أصلا حتى عند الناطقين بالأمازيغية .



لا أحد ينكر أهمية تدريس الأمازيغية باعتبارها لغة و ثقافة فئة عريضة من الشعب المغربي و باعتبارها إرثا ثقافيا و اجتماعيا ذا جذور ضاربة في أعماق التاريخ المغربي ... و الأهم من كل هذا هي لغة تواصل يومي شأنها شأن العربية الدارجة لن تستقيم حياة الناس بدونها . و تزداد أهمية هذا التواصل اللغوي في الحقل التعليمي ، و لا أدل على ذلك ما يعانيه التلميذ في المدرسة القروية بالمناطق الأمازيغية خصوصا إن كان طاقم التدريس لا يتقن الأمازيغية ، فينعدم ذلك التواصل المطلوب خصوصا في السنة الأولى من الدراسة ، حيث يصاب الطفل بغربة نفسية و لغوية بمدرسة قريته ، و يجد نفسه فجأة في وسط يتداول لغة غير تلك التي يتكلمها خارج الفصل ، فيكون لذلك تأثير على تعلمه خصوصا في الشهور الأولى من ولوجه المدرسة ...



تدريس الأمازيغية إذن مطلب اجتماعي و ثقافي ... و لكن أية أمازيغية سندرس ؟ و في أي منهاج تعليمي يجب أن تدمج ؟ و لأية أهداف و أية غايات ؟ و في أي سياق سياسي و أي وضع اجتماعي ؟



إذا كان الوضع السياسي و الاجتماعي مزريا و منذرا بالكارثة .. و أصبح التعليم يخرج أفواجا من المعطلين فما جدوى "إغناء" المناهج التربوية بأمازيغية تؤسس "لوعي قومي" أكثر مما تبني شخصية ذات ثقافة متكاملة و متعددة الروافد ، و لم لا تدرس بالحرف العربي باعتباره حرفا مألوفا أصلا لدى الجميع مما سيساعد على إنجاح تلقينها ، بينما حرف تيفناغ يؤسس لقطيعة شعورية في نفسية المتعلم و يجعله مشتتا في الاستيعاب ، بينما سيشكل الحرف العربي وحدة تمكن المتعلم من اكتساب كفايات لغوية تتجاوز عوائق ضبط رسم و كتابة حرف تيفناغ . و لم لا نكون نحن الأمازيغ مثل إخواننا المسلمين في إيران و باكستان وغيرها ، شعوبا مسلمة مازالت تكتب لغتها بحروف لغة القرآن الكريم و قد بلغت ما بلغت من الرقي الحضاري و الثقافي و حتى النووي .. دينها الإسلامي فوق كل اعتبار ، و لغة القرآن أولى لتعلم مبادئ الإسلام و حفظ كتاب الله ، و إن المتأمل في التراث الفقهي و الأدبي الأمازيغي المدون ليجد فيه كنوزا و مؤلفات مكتوبة بالحرف العربي ، مما يبين مدى تعلق الناس بدينهم و لغة القرءان الكريم ، حيث لم تمنعهم عجمتهم الأمازيغية من الإلمام بعلوم اللغة العربية و الإبداع بها .



في خضم التدبير غير السليم للمسألة الثقافية بالمغرب تبقى الأمازيغية تترنح بين توجهين ، توجه أصحاب الأطروحات القومية الذين يريدونها أمازيغية بلباس غربي ، و بين التوجه الرسمي الذي تحكمه المصالح و التوازنات السياسية، و تبقى الأمازيغية تنتظر من يجعلها تتصالح مع ذاتها ، لتحمل - كما كانت - القيم الحضارية و الثقافية و الاجتماعية الحقيقية للإنسان الأمازيغي المسلم ، و تبرُز آية من آيات الله ، لا أداة للتفريق بين عباد الله و محاربة دين الله، يقول الله تعالى : << وَ مِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ >> ( الروم ـ 22 ) .

هناك تعليق واحد:

  1. اعتقد ان كاتب هذا المقال لديه مشكلة واضحة مع الامازيغ..... و الاسلام ديننا ونحمد لله على ذالك وليس من الضروري ان ننكر اصولنا و ثقافتنا لكي نكون مسلمين لقد انزل الله القران على البشر رغم اختلاف اصولهم و لغتهم والا لما كان خلق البشر مختلفين و خلق ابونا اذم و علمه كل لغات العالم و الامازيغية من بين هذه اللغات الامازيغية نحن لسنا عرب لكن مسلمين و سنضل مسلمين و ليس الهدف من ان القران انزله الله عربي ان يتحول العالم الى عرب ..... ان هذه النظرية متخلفة و عنصرية و مسيئة الينا وهذا معروف على العرب انهم دائما عنصريين مع الشعوب الاخرى ........

    ردحذف