الأربعاء، يوليو 28، 2010

موقـف الأمازيغ من الإسلام من خلال أبطالهم التاريخيين

بقلم : عبد الكريم السكاكي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أولى هذه المواقف ما كان من طارق بن زياد . البطل الأمازيغي المسلم . غزا الأندلس و معه اثنا عشر ألفا من البربر و خَلق يسير من العرب ... و ذكر عنه أنه كان نائما وقت عبور البحر في المركب فرأى النبي صلى الله عليه و سلم والخلفاء الأربعة
يمشون على الماء حتى مروا به فبشره النبي بالفتح و أمره بالرفق بالمسلمين و الوفاء بالعهد (الاستقصا، ج1، ص153 ) .



ماذا راح طارق يفعل بالأندلس ؟ و في سبيل ماذا يخاطر بحياته ؟ أليس هو البربري الأصيل فلماذا يأتمر بأمر موسى بن نصير العربي الدخيل ؟ تساؤلات ضرورية لفهم موقف رجل أمازيغي من عيار طارق من الإسلام الذي اختاره وانتسب إليه.



كان طارق مجاهدا يكرس حياته لنشر الإسلام ، أتته البشائر و تلك سيما المخلص الصادق في إسلامه . ولم يكن يتحرز أو يتحرج - كما يتحرج بعض معاصرينا - من الاصطفاف إلى جانب العرب المسلمين لنشر الإسلام ، كان في جيشه أكثر من عشرين تابعيا صحبوا و أخذوا عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم : علي بن رباح اللخمي ، و زيد بن قاسط السكسكي ، و حيوة بن رجاء التميمي ، و علي بن عثمان بن خطاب و غيرهم... (نفح الطيب، ج1، ص288) .



و لمن يفقه الدين و لا يقف عند الظواهر نسوق طرفا من حديث نبوي رواه مسلم في صحيحه قال فيه النبي عليه السلام : << .. ثم يغزو فئام من الناس فيقال لهم هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه و سلم فيقولون نعم فيفتح لهم >> ( حديث رقم 2532 ) .



طارق إذن من تابعي التابعين ممن صحب و اقتدى بأتباع من صحب رسول الله صلى الله عليه و سلم و هذا هو الدرس الذي تمليه علينا سيرته و يمليه علينا جهاده الخالد : أن نتخذه قدوة في جهاده لنشر الإسلام و حبه للمسلمين أيّا كان معدنهم.



بعد ذلك بسنوات و في سنة 96 هجرية ظهرت إمارة النكور << أنشأها واحد من الفاتحين المسلمين العرب في شمال المغرب الأقصى و هو صالح بن منصور الحميري و قد استمرت هذه الإمارة في الوجود حتى قضى عليها المرابطون في القرن الخامس الهجري ، و كانت في معظم فترات تاريخها حليفة لدولة بني أمية في الأندلس و معتمدة عليها >> (أطلس تاريخ الإسلام لحسين مؤنس ص179) ، ما كان لصالح أن يصنع تاريخا لوحده ، و لا لمدينة أن تظهر بإسلامها و تثبت على ذلك عهودا لولا اللحمة الدينية التي جمعت أبناء الريف بالفاتح المسلم و قبلت دعوته ، فقد كان صالح داعية للإسلام أوصل دعوته إلى صنهاجة و غمارة و كثير من القبائل.



و شبيه بهذا موقف رجل أمازيغي أصيل من بحبوحة دار الأمازيغ ، كان رئيس قبيلته . إسحاق بن محمد بن عبد الحميد الأوربي ، و فد عليه إدريس بن عبد الله الكامل << فأقبل عليه إسحاق و أكرمه و بالغ في بره .. فلما دخل رمضان من السنة المذكورة (172هـ) جمع إخوانه و قبائل أوربة فعرفهم بنسب إدريس و فضله و قرابته من رسول الله صلى الله عليه و سلم و شرفه و علمه وكمال خلالِ الفضائل المجتمعة فيه ، فقالوا : الحمد لله الذي أتانا به و شرفنا بجواره فهو سيدنا و نحن عبيده نموت بين يديه فما تريد منا ؟ قال : تبايعونه ، قالوا : سمعا و طاعة . ما منا من يتوقف عن بيعته و ما يريد ... ثم بعد ذلك أتته قبائل زناتة و أصناف قبائل البربر من أهل المغرب منهم زواغة و زواوة و لماية وسدراتة و غياثة و نفزة و مكناسة و غمارة فبايعوه و دخلوا في طاعته >> (روض القرطاس ص19-20 ) .



بايعته قبائل أمازيغية إذ وجدت فيه رمز الإسلام لما علمت من شرف نسبه و كرم أخلاقه ، فملأ بهيبته القلوب فانجذبت إليه محبة و تعظيما ، يكشف ذلك عن تعلق روحي بآل البيت يكنها لهم الأمازيغ . كان مما دعاهم إليه أن قال : << أدعوكم إلى كتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه و سلم و إلى العدل في الرعية والقسم بالسوية ... و إحياء السنة و إماتة البدعة . و نفاذ حكم الكتاب على القريب و البعيد ... و فرض الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ... و فرض قتال المعاندين على الحق و المعتدين عليه ... فعسى أن تكونوا معاشر إخواننا من البربر اليد الحاصدة للظلم و الجور و أنصار الكتاب و السنة القائمين بحق المظلومين من ذرية النبيئين ...>> (المغرب عبر التاريخ، ج1، ص116) . ما ترددت تلك القبائل عن مبايعته و مناصرته إلى ما دعاهم إليه : تحكيم الكتاب ؛ وإحياء السنة و منع الظلم . فانطلق الأمازيغ معه غزاة مظفرين في البلاد فنشروا الإسلام و وصل إلى آفاق كانت مرتعا للخرافة و الرذيلة ، وتوطد الأمن و تآخت القبائل و توحدت بعد عهود من الصراع و النزاع . فظهرت لأول مرة في شمال أفريقيا دولة إسلامية تحمل كل معاني الدولة الحقيقية.



درس ثان نستفيده من أجدادنا زمن إدريس الأول ، فما كانت دولة لتتأسس و تصل بالمنطقة إلى ما وصلت إليه لولا موقف الأمازيغ حين قبلوا دعوة المولى إدريس و أيقنوا أن الإسلام هو الضامن للوحدة و العزة والسيادة .. و قد كان ..



تمر الأيام و تضعف الدولة لأسباب داخلية أكثر مما هي خارجية ، و تمر سنين و عقود و البلاد في متوالية من الصراعات و الفتن ، و يشاء الله أن تبدأ دورة حضارية جديدة في شمال أفريقيا على يد صوفي أمازيغي هو عبد الله بن ياسين تلميذ المربي الصوفي وجاج بن زلو و رفيق الرجل الصالح يحيى بن إبراهيم الكدالي.



في قبيلة لمتونة شرع يعلمهم الدين و يسوسهم بآداب الشرع و يكبحهم عن كثير من مألوفاتهم الفاسدة مثل الزواج بأكثر من أربعة . فاستصعبوا ذلك وتركوا الأخذ عنه . فلما رأى إعراضهم عنه قرر الرحيل فأشار عليه يحيى الكدالي باعتزالهم في رباط يقيمون به للتعبد و التنسك ما بقي من حياتهما إلى جانب سبعة آخرين من كدالة ... و تسامع الملثمون بهم فصاروا يتواردون عليهم حتى بلغ عددهم المآت و تقبلوا دعوته عن طواعية و اقتناع . و قد سماهم ابن ياسين المرابطين للزومهم رابطته.



وفي سنة 434 هجرية وجه ابن ياسين إنذارا للملثمين و أعيانهم بعد أن وعظهم و حاول إقناعهم باللين حتى يغيروا منكراتهم ، فقد كان أمراؤهم يتصرفون في الرعايا بشدة العسف و الظلم و حملهم على مقتضى الشهوة والغرض فلم يلتفتوا إلى نصحه فأخضعهم بالقوة ، فبدأ بلمتونة و كدالة ثم مسوفة فدخلوا في طاعته و بيعته بعد أن تابوا عما هم عليه.



وفي سنة 447 هجرية و برغبة من فقهاء سجلماسة دخل إليها فوضع حدا لمظالم بني وانودين و قتل أميرها مسعود بن وانودين ، كما استولى على درعة . ثم واصل المرابطون فتوحاتهم و تخليص البلاد ممن يسوس الناس بالقهر و الظلم . فأسندت قيادة الجيش إلى يوسف بن تاشفين و قد كان ممن قبل دعوة ابن ياسين عن طواعية و صحبه في رباطه ، فزحف إلى السوس فاستولى على تارودانت ثم أغمات فتادلا ؛ ثم شرع المرابطون في جهاد البرغواطيين سنة 451 هجرية ، أثخنوا فيهم قتلا و تشريدا حتى أعادوهم إلى الإسلام . و هناك استشهد عبد الله بن ياسين (الناصري ص7، المغرب عبر التاريخ، ص158-159-160).



هكذا تنتهي حياة هذا الرجل العظيم و قد أمضى عشرين عاما في الدعوة والجهاد و تربية الرجال .. و قد أتينا بهذا السرد الطويل من تاريخه ملخصا و من مصادره لنذكّر أن الإسلام كان دائما منبع قوة الأمازيغ و سدى قومتهم و نهضتهم و صانع تاريخهم . ما كانوا يناضلون بعيدا عن الدين و لا كانت مواقفهم تصدر عن غير الإسلام . و هكذا انطلق يوسف بن تاشفين بانيا على هذا الأساس الديني الذي وضعه سلفه ابن ياسين ليشيّد واحدة من أعاظم الدول في تاريخ الإسلام .



ستنهار بعد وفاة يوسف بن تاشفين دولة المرابطين ذات الأساس الديني لأسباب أفاض فيها المؤرخون . فقد اتسع نفوذ الفقهاء ذوي الفكر المتشدد فكرسوا عقلية متحجرة في التفكير و المعتقد ، و ضيّقوا على حرية المذاهب ، كما تحكمت النساء في كثير من وظائف الدولة . أما الوضع الاجتماعي فقد انحل و طغى الفساد واستشرى البغي و الخمر بين الناس و فسدت الأخلاق ، أما السلطان فقد انعزل إلى الصلاة و العبادة بعيدا عن هموم رعيته. (ن-م.ص169-170).



و وسط هذا الوضع المتأزم الذي طال كل ميدان كان لابد من رجل يعيد الأمور إلى وضعها الطبيعي ، رجل يكرس حياته لبناء ما تَهَدّم ، و يجدد في الأمة قوتها و حيويتها. رجل له من قوة الطموح ما يمكنه من الثبات أمام كل العقبات التي قد يصادفها ، و له من العلم و البصر بأمور الدين و الدنيا ما يؤهله لوضع خطة كفيلة بإخراج البلاد من أزماتها . فكان ذلك الرجل هو : محمد ابن تومرت .. لا يُسَلم مؤرخو زماننا بنسبه الشريف فهو عندهم بربري أصيل من المصامدة .



ولد محمد ابن تومرت عام 584هـ و شبّ - كما ذكر ابن خلدون في تاريخه - قارئا محبا للعلم ، و كان يسمى "أسافو" و معناه الضياء لكثرة ما كان يسرج من القناديل بالمساجد لملازمتها (ص301، ج6) . و رحل إلى المشرق طالبا للعلم فحج و دخل العراق فلقي العلماء و فحول النظار و أخذ عن الأشاعرة << و كان في جملة من لقي من العلماء الذين أخذ عنهم العلم الشيخ الإمام أبو حامد الغزالي رضي الله عنه و رحمه ، لازمه لاقتباس العلم منه ثلاث سنين ، فكان أبو حامد الغزالي إذا دخل عليه المهدي يتأمله و يختبر أحواله الظاهرة و الباطنة . فإذا خرج عنه يقول لجلسائه : لا بد لهذا البربري من دولة) (روض القرطاس، ص 172) .



يثبت المؤرخون و يوثقون صحبة ابن تومرت للغزالي ، فلا يبدو لهم من ذلك غير أخذ العلم و إفادة الأفكار فهي عندهم صحبة فكرية ليس إلاّ . فيتجاوزون بذلك أهم مرحلة في تاريخ الرجل : صحبة الغزالي ، و ما كانت صحبة الأولياء لتذهب سدى خصوصا من رجل أمضى شبابه ملازما للمساجد كابن تومرت . عاد و هو ممتلئ إيمانا و يقينا أن الله ممكنه من بناء دولة إسلامية تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر . و في طريقه أقام مدة برباط "المنستير" الصوفي بتونس مع صلحائه . ثم أقام بتلمسان بمسجد العباد و كانت له هيبة و قوة شخصية جذبت الوجهاء و كثيرا من العامة.



كانت مجالس الصلحاء محطات يتزود منها ابن تومرت . ففي كل محطة تربوية يرابط فيها يخرج داعيا و إن تعرض للأذى . فبعد صحبة الغزالي ببغداد وفي رباط أبي سعيد نجده يخرج إلى مصر فيبالغ في الإنكار على ما يخالف الشرع فيتأذى بسبب ذلك . و يتكرر الأمر بعد عكوفه بالمنستير فينطلق إلى بجاية واعظا فيطرده واليها و من هناك إلى جامع العباد بتلمسان فيجذب بقوة شخصيته أعدادا من الناس فيتصدى له قاضي تلمسان و عبثا كان ذلك التصدي .



هذا جانب من سيرة ابن تومرت يغفل عنه المؤرخون ، جانب الصحبة والاقتباس بالمجالسة والمخاللة << و المرء على دين خليله >> . يكشف مرة أخرى عن أهم البواعث في عملية التغيير ، و هي التمسك بالدين و التملؤ من أهله و الاستعصام به في مواجهة التحديات . و هكذا قام ابن تومرت بعد أن اجتمع حوله الأنصار من المصامدة و كثروا يربيهم على الإيمان و يحرر لهم العقيدة بالأمازيغية ، و يعلمهم الأخذ بطريقة السلف الصالح . و ينظمهم تنظيما دقيقا ومحكما لمحاربة المرابطين . و رويدا رويدا حتى تمكن خلفاؤه و من أبرزهم عبد المومن ثم أبو يعقوب يوسف و ولده يعقوب المنصور من تأسيس أعظم دولة في شمال أفريقيا وحّدت المغرب الكبير من برقة شرقا إلى المحيط غربا إضافة إلى الأندلس التي وضعوا فيها حدا لأطماع النصارى . كل ذلك بناء على الأساس الديني الذي انطلق منه ابن تومرت رحمه الله و المتوفى سنة 524هـ .



هذا هو ابن تومرت الرجل الصالح ، و صلاحه باد في نفعه للمسلمين بما أسس و خطط له . و بعضهم يقدمه للقراء في صورة دجال سفاك للدماء بغير وجه حق استنادا إلى مرويات تاريخية موجودة في المصادر القديمة . و لكنها لم تنل حقها من الدراسة في التحقيق و الترتيب في سياقها . و هذا ما يعطينا صورة مضطربة حول شخصيته . و ما يهمنا هو أن ابن تومرت الأمازيغي و معه المصامدة الأمازيغ أثبتوا كما أثبت أسلافهم أن الإسلام و الإيمان وحدهما منبع القوة و ضمانة النصر و السيادة .



نتخطى آماد الزمن و قد ظهر فيه مجاهدون أبطال أمازيغ أمثال العياشي ويوسف الفاسي و الحسن اليوسي و مقراني ..، و غيرهم كثير ؛ لنقف عند واحد هو إمام المجاهدين في العصر الأخير ، و مفخرة المسلمين محمد بن عبد الكريم الخطابي . لننظر في جانب من أهم جوانب حياته ، و الذي تسكت عنه أغلب دراسات الجيل الجديد سكوت إهمال و تحريف ، و هو الجانب الديني ، ندرسه لا من حيث تشكيل هويته مسلمًا بل لكونه الباعث القوي على قومته و ثورته والغاية التي ناضل من أجلها و جاهد. و حتى يكون كلامي موضوعيا فسأكتفي بشهادة مؤلفين لا خلاف حولهم ممن عاصروا الخطابي أو سمعوا ممن عاصروه .



يقول الأستاذ محمد العلمي في كتابه ( زعيم الريف ) : << و في يوم 15 أكتوبر1920 دخل الجنرال برنغيز إلى الشاون دخولا رسميا على رأس الجيوش الإسبانية فرأى أهل الريف في هذا الحادث مغزى خاصا ، و اعتبروا أنه بإمكان الجيوش الإسبانية أن تدخل إلى مساجد المسلمين مهما أنها سمحت لنفسها الدخول إلى مدينة الأولياء و الصالحين . و في هذه الظروف و بسبب الدافع الديني قرر عبد الكريم الخطابي (الأب) و هو شيخ هرم محاربة إسبانيا ... و هكذا هجمت جماعة من أهل الريف بقيادة عبد الكريم الخطابي على معسكر تافرسيت الإسباني و لقي حتفه خلال هذا الهجوم >> ( ص20 ) .



كانت الثورة بدافع ديني ذبًّا عن المقدسات . و كان الإبن محمد بن عبد الكريم مشاركا في هذه المعركة . ثم ما لبث أن بايعه أهل الريف بعد وفاة أبيه . فكيف كان ذلك ؟



يجيب الأستاذ العلمي : << و كان أكثر الريفيين أميين ، و لكن إسلامهم متين يحترمون الفقهاء و علماء الدين المتخرجين من جامعة القرويين في فاس مثل محمد عبد الكريم الذي أعربوا له عن طاعتهم و ولائهم ما دام يدافع عن حرمة الدين و الوطن . فمن أجل هذا الهدف انضمت القبائل إلى الثورة >> (ص26 ) لنسجل إذن أن انضمام الأهالي إلى الثورة كان بدافع ديني.



و يقول محمد عمر بلقاضي في كتابه ( أسد الريف ) و هو ممن شارك الخطابي في معارك : << و بعد وفاة والده بأيام قليلة برز إلى الميدان و صار يتصل برجال القبائل و أعيانها يبث فيها روح الوطنية الحقيقية التي تتمشى مع الإسلام و الشريعة المطهرة و يستدل بالكتاب و السنة في جميع أحاديثه ومواعظه البعيدة المدى ، و كان شغله الشاغل هو المصالحة بين الأفراد و الجماعات في جميع المداشر و القرى >> ( ص96 ) .



في سنة 1921 تداعى أكثر من 500 مجاهد يمثلون قبائلهم إلى إمزورن لحضور مؤتمر دعا إليه الأمير الخطابي . عن هذا المؤتمر يقول محمد عمر بلقاضي : << و حينئذ اقترح الزعيم على الحاضرين بأن يعاهدوا الله على المصحف الكريم على ما يلي :



1. يعاهدون الله على أن يدافعوا عن وطنهم و شرفهم و وحدة ترابهم إلى أن يستشهدوا في سبيل ذلك.



2. بأن يلتزموا بتنفيذ الأحكام الشرعية على كل من صدرت منه جريمة ما و لو كان من أبنائهم و أقربائهم . فقبلوا اقتراحه بالإجماع >> ( ص96 ) .



ويقول الأمير الخطابي في مذكراته التي حررها روجر ماثيو عام 1927 : << الدين هو أقوى الروابط وأمتن علائق المؤاخاة >> ( ص73 ) . يشير بذلك إلى الروح التي وحّدت قبائل الريف فثارت ضد الاستعمار. و كأني بواحد من المتحذلقين يعترض بأن سياسة الخطابي ماهي إلا إيديولوجية للتأثير على الأهالي. و لكن من كان له أدنى اطلاع على سيرة الرجل و مواقفه يقطع يقينا بسخافة الاعتراض . و إلى هاهنا ننتهي إلى تحقيق القول بأثر الإسلام في كل النهضات التي عرفها الأمازيغ منذ أن دخلوا فيه و اعتنقوه . و إلى القول بأن موقف الأمازيغ من الإسلام من خلال رموزهم و أبطالهم التاريخيين لم يقتصر على الرضى و القبول به كدين و سلوك . بل تعدى إلى اعتباره الأساس الذي انطلقوا منه لصنع التاريخ و تشييد الحضارة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق