الخميس، يوليو 22، 2010

الأمازيغ الأحرار و الأمازيغاوية المتصهينة

بقلم : محمد يتيم
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
بكل صفاقة و جرأة شكا بعض المتطرفين المحسوبين على الحركة الأمازيغية إلى منظمة الأمن و التعاون الأوروبي بلادهم و سعوا في الوشاية بها والاستعداء عليها بمدينة تل أبيب .



و بكل وقاحة تفاخر أولئك المتطرفون بأنهم استحقوا الدعوة من تلك المنظمة نظرا لـ : << خطاب التسامح و التعايش السلمي الذي يؤطر الحركة الأمازيغية بالمغرب بخلاف العديد من الحركات و التيارات السياسية المتواجدة في المنطقة كالقوميين العرب >> .



و بين أعتاب هذه المنظمة التي عقدت اجتماعها تحت شعار باطل هو : << التسامح و نبذ العنصرية و نشر ثقافة الحوار و الاحترام المتبادل و التفاهم >> حرصت بعض الوجوه الأمازيغاوية المتصهينة على دغذغة عواطف بعض الأوروبيين المسكونين بعقدة الذنب التي أفلحت الدعاية الصهيونية في ترسيخها في الضمير الأوروبي تجاه اليهود ، فركزت في مداخلاتها خلال أوراش الندوة على ما سمته بـ << التمييز الذي يطال الهوية و الإنسان الأمازيغي و اليهودي في الإعلام ، و أشكال الميز و العنصرية التي تتعرض لها المرأة الأمازيغية واليهودية في المغرب ، و كذا حرمانها من اعتلاء بعض المسؤوليات في الدولة ، دون أن ينسوا رفع شكايتهم ضد دولتهم لدى سفراء الدول الحاضرة في العديد من الجلسات التي عقدت على هامش اللقاء . كما لم ينسوا إطلاق تحذيرات من مخاطر ما سموه مظاهر العنصرية و التمييز تجاه الأمازيغ و غيرهم من الشعوب ، و أن الكتب الدراسية التي أنتجتها وزارة التربية الوطنية حبلى بها .



و بطبيعة الحال فقد حظي أعضاء الوفد المغربي بـ " شرف " استقبال من "جنابة" وزيرة الخارجية الصهيوينة في مقر وزارتها بالقدس و حظوا بضيافتها في حفل عشاء .



محاولة تماهي هؤلاء مع اليهودي المضطهد في تاريخ أوروبا ــ مع العلم أن اليهود لم يعيشوا في تاريخهم أوضاعا أحسن من تلك التي عاشوها في ظل الحضارة الإسلامية ــ و دغدغة مشاعر الأوروبيين باستخدام مصطلحات التسامح و نبذ العنصرية و نشر الحوار و الاستظلال بمظلة ندوة تلك هي شعاراتها ، لا يمكن أن تجعلنا ننخدع بالتماسيح المتباكية و بالثعالب الخادعة خاصة مع استحضار نوعية المضيف و دار الضيافة و حقيقة علاقته بلغة السلام و التسامح و نبذ العنصرية و التمييز . كما لا يمكن أن تجعلنا ننخدع ببريقها و نذهل عن أنه يوجد بينها و بين الحقيقة ما بين السماء و الأرض . و كان يكفي أن يطل هؤلاء وهم معلقين بين السماء و الأرض من شرفة الطائرة و هي تستعد للهبوط كي يلمحوا جدار الفصل العنصري و قبة الصخرة التي تضرب فيها أشعة الشمس فتعكس في عين الرائي مأساة الاحتلال و المعاناة من أبشع رصيد من الكراهية في تاريخ الإنسانية .



إن لقاءً يدّعي تعزيز الحوار و التسامح ، في استضافة كيان بني منذ يومه الأول على الإجرام و القتل و التهجير الجماعي الذي قامت به عصابات الهاجاناه ، و على اغتصاب أرض و تهجير شعب بكامله ليستوطن على تلك الأرض شواذ الآفاق بناءً على أساطير من قبيل شعب الله المختار ، و على خطاب تنضح كلماته بكل توابل العنصرية و الكراهية و التمييز ، و على فكر ديني موغل في التطرف والحقد و استحلال دماء " الأميين" و التأكيد أنه ليس على اليهود المتصهينين في الأميين سبيل ، إن لقاء من قبيل هذا و في استضافة دولة هي تلك جدير بأن يقاطع و أن يحذر من أغراضه و أهدافه .



وبما أن الطيور على أمثالها تقع فمن الطبيعي أن يهرع عتاة الأمازيغاويين ـ و هم يلتقون في الجوهر مع الرؤية الصهيونية العرقية الشوفينية ـ لطلب رضى إسرائيل . من الطبيعي أن يقع ذلك ، و لم لا و هم يلتقون في الجوهر مع تلك الرؤية التي تتحدث هي الأخرى عن هوية ثقافية عرقية خالصة .



طبيعي أن يستخدموا خطاب التسامح و الأولى أن نصفه بخطاب التماسح ( من التمساح أي البكاء أثناء الإجرام ) .



طبيعي أن يتبجحوا بخطاب الحداثة و الديمقراطية و أن يَدّعوا وصْلا بها وهي لا تشهد لهم بذلك تماما كما تتبجح إسرائيل بكونها واحة الديمقراطية في صحراء الاستبداد و جزيرة الحضارة في محيط الهمجية .



لكن الأكثر إثارة للاستغراب هو أن تنظم منظمة الأمن و التعاون ندوة تحت الشعارات المذكورة في ضيافة أكبر دولة إرهابية في العالم . و مع هذا الاستغراب نقول إن غسيل الدماغ الذي أفلحت فيه الحركة الصهيونية لدى كثير من الأوساط الأوروبية لن يفلح في عالمنا العربي و الإسلامي أن يجعل من الأفاعي السامة والثعالب الخادعة حمائم سلام أو من الذئاب حملانا وديعة .



و إذا كانت ذاكرة الأمازيغاويين على غرار بعض الأوروبيين ملساء فإن الشعوب العربية ترى بأعينها كل يوم مآسي الشعب الفلسطيني و تسمع في كل يوم أنّات مرضاه و زفرات أيتامه و أنين ثكالاه .



و على الحركة الأمازيغية الوطنية و مناضليها الصاديقين أن يتخذوا موقفا و اضحا و صريحا من هذا التماهي ، و من هذه الأمازيغاوية المتصهينة التي هي أبعد ما تكون عن الأمازيغ الأحرار بُعد السماء عن الارض .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق